ولنذيل هذا البحث بما له معه مسيس المناسبة، تعميما للنفع ودفعا للبقية الباقية من بعض الشبه في بعض الأذهان، ذلك هو شرح بعض المصطلحات الخاصة مما لها - حسبما عرفت وستعرف - مزاج واختلاط بتلك البحوث.
منها: ما يسمونه بالمصالح المرسلة تارة، وقد يسمونه بالمرسل المناسب أو الملائم تارة أخرى، وقد يسمونه بالاستصلاح في اعتبار آخرين والمعبر عنه في الجميع وعند الجميع واحد وإن اختلفت العبارات.
وعلى أي حال، القائلون بالعلة والمناسب قسموها إلى ما علم أن الشارع اعتبر العلية فيه وإلى ما لم يعتبره، والقسم الأول أقسام، فقد تعتبر العلية في نوع الحكم، وذلك كالإسكار المعتبر في التحريم، فإن العلة واحدة في الخمر والنية والحكم واحد وإنما اختلف فيها بالمحال، وهذا القسم اعتبر نوعه في نوع الحكم، وقد يعتبر نوعه في جنس الحكم، كالاخوة من الأبوين المقتضية للتقدم في الميراث فيقتضيه في النكاح، فالاخوة نوع في الموضعين وولاية النكاح مخالفة لولاية الميراث في النوع وإن اتحدتا جنسا. هذا قسم من اعتبار نوع العلة إما في نوع الحكم وإما في جنسه.
وهناك قسم آخر وهو اعتبار تأثير جنس العلة - أعني الوصف المناسب - في الحكم، وهذا أيضا قسمان، فقد يعتبر جنس العلة في نوع الحكم كما يسقط قضاء صلاة الحائض بالمشقة، وهنا لجنس المشقة الذي هو العلة والوصف المناسب تأثير في اسقاط قضاء الصلاة كتأثير مشقة السفر في اسقاط الصلاة، وقد يعتبر تأثير جنس العلة في جنس الحكم وذلك كتعليل الأحكام بالحكم التي لم يشهد لها أصول معينة كإقامة الشرب مقام القذف، وكإقامة الخلوة مقام الوطء ء في الحرمة لاشتراكهما في إقامة مظنة الشئ مقامه.