خبير بما تفعلون) * (1).
ومن ذلك ما جاء في سورة الرحمن وهي قوله تعالى: * (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) * (2) ذلك إنه قيل: بين هذه الآية الكريمة وقوله تعالى: * (ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون) * (3) وبين قوله تعالى: * (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) * (4) وقوله تعالى: * (فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين) * (5) تناقض، فإن الآية الكريمة الواردة في سورة الرحمن منطوقها الصريح هو عدم السؤال عن المذنبين، والآيات الكريمة منطوقها إثبات السؤال، ولا ريب أن النفي والإثبات الجاريين على موضوع واحد متناقضان، فيقع التناقض بين الآيات.
هذا هو التوهم، ولكنا لو ألقينا نظرة على ما جاء في تفسير هذه الآية الكريمة، ثم ألقينا نظرة أخرى على ما جاء في شروط التناقض، لعلمنا علم اليقين أنه لا تناقض هناك وأن منشأ هذا القول هو الجهل بمصطلحات المنطقيين والذهول عن محرراتهم في شرائط التناقض المحررة هناك.
إن المنطقيين - حيث ذكروا التناقض الذي يقع بين القضايا الكلامية شرطوا لتحققه الاتحاد في أمور ثمانية:
أولها: وحدة الموضوع، فإنه لو اختلف الموضوع في القضيتين لم يتحقق التناقض، كما تقول: زيد قائم وعمرو ليس بقائم.