وقال لزوجته الحنفية المجتهدة: أنت بائن، ثم راجعها فإنها تكون حراما بالنظر إليها وحلالا بالنظر إلى الزوج، وكذا لو تزوجها ولي ثم تزوجها آخر بولي. انتهى كلامه رفع مقامه.
المرحلة السادسة: في أنه هل يجوز للنبي (صلى الله عليه وآله) أن يعمل بالاجتهاد أو لا؟
الذي قامت عليه كلمة الطائفة الإمامية وانعقد إجماعهم عليه هو أنه لا يجوز، أما إخواننا أهل السنة والجماعة فالأكثر - إن لم نقل الكل - جوزوه، بل ادعوا الوقوع.
ونحن لو حاولنا أن نقف أمام هذه المسألة موقف النقاش والحساب لا نرى وجها وجيها لما يدعون، فقد عرفت فيما سلف حقيقة الاجتهاد ومعناه ومغزاه ومرماه، وحقيقة الاجتهاد هي حقيقته عند الجميع، وكيف تتفق تلك الحقيقة مع تجويزه على قدسية النبي الكريم! فإن الاجتهاد استنباط الفقيه الحكم من طرقه القطعية أو الظنية، وهذا بحقيقته وحاقه كيف يتفق وما أصحر به القرآن الكريم من قوله سبحانه: * (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) * (1) فمن حصر القرآن نطقه بالوحي، ومن خص بالوحي أي حاجة له إلى استعمال الوسائل والوسائط التي لا يلتزمها الملتزمون إلا حيث يضطرون، وهل الالتزام بهذا إلا اجتهاد في قبال النص، وهل هو إلا تجويز الاجتهاد على النبي في قبال النص الصريح، وهذا كما تراه من البطلان مراغمة لصراحة القرآن وجحد لنص الآيات * (فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون) * (2) فالنبي الأكرم لا يصدر حكما شرعيا يشفعه في عقيدة أو عمل إلا عن طريق الوحي والالهام، وهذا هو شأن الأنبياء، وهكذا ينبغي أن يكون، وما هنا وهناك مما ستعرفه في طوايا هذه البحوث، مما عدوه أو زعموه من