لا عبرة بهذا الخلاف، كما لا عبرة بخلاف جماعة من الشيعة الإمامية وجماعة من فقهاء حلب فأوجبوا على العوام الاستدلال واكتفوا فيه بمعرفة الاجماع والنصوص الظاهرة، وأن الأصل في المنافع الإباحة، وفي المضار الحرمة مع فقد نص قاطع في متنه ودلالته، والنصوص محضورة، نقل ذلك عن الشهيد أعلى الله درجته في ذكراه، ورده (قدس سره) بأنه يدفعه إجماع السلف والخلف على الاستفتاء من غير نكير ولا تعرض لدليل.
نعم، ناقش في هذا الاجماع بعض أجلة المحققين من المتأخرين بأن تحصيل الاجماع في مثل هذه المسألة مما يمكن أن يكون القول فيه - لأجل كونه من الأمور الفطرية الارتكازية - بعيد، والمنقول منه غير حجة في مثل هذه المسألة.
ومهما يكن من أمر فإننا نعرض ونستعرض من أقوال أجلة علمائنا الكرام ما يكون برهانا واضحا على تحقق هذا الاجماع، وأن دعواه دعوى مدعومة بدليل.
قال شيخنا جمال الملة والدين أعلى الله درجته في كتابه المسمى ب " التهذيب في علم الأصول ":
الحق إنه يجوز للعامي أن يقلد في فروع الشرع، خلافا لمعتزلة بغداد، وجوزه الجبائي في مسائل الاجتهاد دون غيرها.
لنا: قوله تعالى: * (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة) * (1) أوجب التعليم على بعض الفرقة، فجاز لغيرهم التقليد، ولأن الحادثة إذا نزلت بالعامي فإن لم يكن مكلفا فيها بشئ فهو باطل بالإجماع، وإن كان مكلفا فإن كان بالاستدلال فإن كان بالبراءة الأصلية فهو باطل بالإجماع، وإن كان بغيرها فإن لزمه ذلك حين استكمل عقله فهو