بعض: بأنه دليل ينقدح في نفس المجتهد تعسر عبارته عنه، وعرفه بعض: بأنه العدول من قياس إلى قياس أقوى، وعرفه بعض آخر: بأنه تخصيص القياس بأقوى منه، وعرفه بعض آخر: بأنه العدول إلى خلاف النظر لدليل أقوى. وأسخف التعاريف تعريف من عرفه: بأنه مذهب لا دليل عليه، فيا لها من سخافة أن نعتبر المذهب الذي لا دليل عليه مذهبا يؤمن به أولو العقول.
ومن أجل ذلك أو غير ذلك، قال الشافعي قولته المأثورة المشهورة: من استحسن فقد شرع. (1) وهذا الغزالي - حسبما نقله عنه سيدنا القاضي نور الله نور الله مرقده - أن هذا المعنى كفر من قائله، والمعنى الآخر - وهو أنه دليل ينقدح في نفس المجتهد تعسر عبارته عنه - هوس، فإن معاني الشرع إذا لاحت في العقول انطلقت الألسن بالتعبير عنها، فما لا عبارة عنه لا يعقل.
وقال أيضا - حين نقل قول أبي حنيفة بأنه يجب الحد على من شهد عليه أربعة بالزنا في أربعة زوايا كل يشهد على زاوية - وقال: لعله كان يتزحف بزنية واحدة في الزوايا، فقال الغزالي: وأي استحسان في سفك دم مسلم بمثل هذا الخيال مع أنه لو خصص كل واحد شهادته بزمان وتفاوتت الأزمنة واحتمل استدامة الزنا لأحد وذلك أغلب في العرف من شغل زوايا البيت بزنا واحد. (2) وعلى أي حال فإن الأدلة الدالة على منع العمل بالقياس دالة على منع العمل بالاستحسان سواء بسواء، فلا حاجة بنا أن نتقدم إلى شرحها من جديد هنا.