كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل) *.
ترى أن في قوله تعالى: * (قل قتال فيه كبير) * إشارة إلى حكمة معناها: أن ترك القتال في الشهر الحرام إنما هو وسيلة لنوع من احترام الناس وتسكين الشر، أما إذا كان الناس هم الهاتكون للحرمات فأولئك لا حرمة لهم ولا كرامة، فكيف يستنكر حينذاك قتال المشركين في الشهر الحرام؟
وفي قوله سبحانه: * (وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام) * إشارة إلى حكمة ثانية: هي منع رسول الله وأصحابه عن البيت الحرام، وذلك اعتداء يجب أن يكافح درء للمفاسد والاعتداءات.
وفي قوله عز من قائل: * (والفتنة أكبر من القتل) * إشارة إلى حكمة ثالثة: هي أن فتنة الناس عن دينهم محاولة لإخراجهم من الحق إلى الباطل، ومن النور إلى الظلمات، أكبر وأكبر من القتل في الشهر الحرام، ذلك أن القتل إزهاق الأرواح، وسفك دماء، وتضييع للأشخاص فحسب، أما الفتنة فهي إزهاق روح العقيدة، وسفك دم الحق بسيف الباطل الممقوت، وتضييع للناس عامة، فأين هذا من ذاك؟
فالعقيدة تفدى بالأرواح وتضحى في سبيلها النفوس، وتسفك لحفظها والمحافظة عليها دماء ودماء.
ومن ذلك أيضا ما جاء في السورة نفسها من قوله جل ذكره في تحريم نكاح المشركات والانكاح إلى المشركين، يقول سبحانه: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله