أما الروايات فقد لا نقف في استيفائها على حد محدود، ويضاف إلى ذلك إجماع المسلمين عامة بلا استثناء.
أما لو حاولنا الاستدلال عليه عن طريق العقل فإن إثبات القدرة العامة وإثبات صفة الحياة له تعالى يكفينا عن إقامة كل برهان، ذلك لملازمة هاتين الصفتين لكل صفة كمالية، ومما لا ريب فيه أن الكلام صفة كمال.
بقي الكلام في شئ آخر ذلك هو حقيقة هذا الوصف ومعناه، ولم يزل هذا - ولا يزال - معترك الأفكار والآراء، أحدث مشاكل ومشاكل، كمسألة خلق القرآن التي امتحن المأمون العباسي بها علماء زمانه عهدا غير قليل، ولعله السبب أو جزء السبب في تسمية علم " أصول العقائد " ب " علم الكلام "، وقد ذكرت بعض كتب التاريخ أن الذي أثار هذه المشكلة في أذهان بعض العلماء بيت من الشعر قاله أحد الشعراء، وهو قوله:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * جعل اللسان على الفؤاد دليلا ومهما يكن من أمر وعلى كل حال فقد ذهب أهل العدل - من الإمامية والمعتزلة - إلى أن معنى اتصافه تعالى بالكلام وانتساب الكلام إليه، هو أنه تعالى يخلق أصواتا وحروفا في أجسام تدل على المراد، فمعنى أنه تعالى متكلم، أنه خلق الكلام لا أنه قام به الكلام.
وذهب الأشاعرة مذهبا آخر، ذلك أنهم قالوا: إن كلامه تعالى معنى قائم بذاته، وهو غير العلم، وغير الإرادة، وغير القدرة، هو غير هذه الصفات، وهو مدلول هذه العبارات المختلفة باختلاف الدواعي والغايات، وقد عبروا عن ذلك بالكلام النفسي، وهو عندهم أيضا معنى وجداني له في نفسه شأنية الاستقلال عن أن تعرضه خصوصيات الأساليب الكلامية، فليس هو بأمر، ولا نهي، ولا خبر، ولا