البحث الثاني: في الدليل على جواز التقليد جواز التقليد يستدل عليه بالأدلة الأربعة: الكتاب، والسنة، والاجماع، والعقل. وقد أضاف إلى ذلك بعض أعلام المحققين من العلماء: الفطرة والبداهة، وستعرف كل ذلك تفصيلا في العاجل القريب.
أما الكتاب: فيستدل منه بآيات، منها قوله عز من قائل: * (فاسألوا أهل الذكر) * (1) لكن نوقش في دلالة الآية: أولا: بأن السؤال فيها إنما هو لغرض تحصيل العلم لا الأخذ تعبدا، وإنما يستفاد منها الدلالة على جواز التقليد بناء على المعنى الثاني لا الأول. وثانيا: بأن سوق الآية يدل على أن المراد بالمسؤولين هم أهل الكتاب فلا علاقة لها في هذا المقام.
أجيب عن الأول: بأن احتمال كون الغرض من السؤال هو تحصيل العلم لا الأخذ تعبدا احتمال ضعيف يدفعه عموم السؤال أو إطلاقه، فلا بد من الأخذ بالعموم والاطلاق.
وأجيب عن الثاني: بأن خصوصية الورود لا تخصص الوارد، فيكون كقانون عام وموردها أحد المصاديق، على أن رواة التفسير فسروها بأهل البيت أهل بيت العصمة من آل النبي (صلى الله عليه وآله)، ويكون هذا قرينة على أنها لم تخصص بموقع السياق ومحل الورود.
ومن الآيات التي استدل بها في المقام وعلى المقام " آية النفر " وهي الآية التي استفتحنا بها هذا الموضوع وجعلناها له فاتحة الكلام، وقد أشكل عليها على حد ما أشكل على سابقتها، والجواب الجواب سواء بسواء.