يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون) * (1).
حيث كانت الصلة بين العرب عامة وثيقة العرى متصلة الأجزاء، فهم أهل محيط واحد وبيئة واحدة، فالزوجة بينهم لا تقف عند حدود، ولا تحدد بقيود، لما هناك من صداقات ومعاملات، شأن سائر الناس من أهل الوطن الواحد والبيئة الواحدة في سائر الشؤون. إذن فمنع التزويج عن نوع منهم بنوع آخر يعتبر تحديدا لتلك الحرية، وتقييدا لتلك العادة التي ألفوها من قبل حين وسنين، فما انتزاع ذلك بالهين اليسير، لذلك كان منعهم عن تزوج المشركة بالمؤمن أو تزوج المؤمن بالمشركة تقييدا لتلك الحرية أو إلغاء لتلك العادة، وما هذا وذاك بالهينين على النفوس، فكان لزاما أن يدعم هذا الحكم بحكمة تجعل النفوس مستجيبة للتقبل والقبول، لذلك نراه تعالى قرنه بأمرين:
أحدهما: أن الاختيار الزوجي لم يقصر على مخصوص ليكون سببا لشعور الانسان بتقييده أو تحديده، حيث لم يفز بالمطلوب والمرغوب، فللانسان حيث يمنع عن التزوج من فريق مخصوص مدنس بدنس الشرك، موصوم بوصمة الكفر الذي هو فوق العيوب، عوض عن ذلك بمن يشاركه في الرأي والعقيدة، فللمؤمنين من المؤمنات زوجات لا تقف عند حدود، وللمؤمنات من المؤمنين أزواج لا يقفون عند حدود، يراعون حق الزوجية بمعناها الصحيح بما ركز في نفوسهما من الإيمان والعقيدة المانعين لهما من الاستهتار بالمقررات والمقدرات، وليس الأمر كذلك في المشركات والمشركين، فلا عقيدة حاجزة ولا إيمان يردع عن ارتكاب المنكرات.
وثانيهما: وصفه المشركين بكونهم يدعون إلى النار - وأي عار ذلك العار هو الارتماء بالنار، فهذه الزوجية زوجية النار - إن صح هذا التعبير - وهذا الاقتران اقتران