أيضا الدميري في حياة الحيوان - حسبما عرفت - لكن لا بهذه التفاصيل، وقد أجاب عن بعض أسئلة الإمام (عليه السلام) بأن الزنا لا يقبل فيه إلا أربعة طلبا للستر، والحائض لا تقضي الصلاة دفعا للمشقة، لأن الصلاة تكرر في اليوم والليلة خمس مرات بخلاف الصوم فإنه في السنة مرة، لكن فيه: أن غرض الإمام (عليه السلام) من تلك الأسئلة ليس إلا تعجيز أبي حنيفة وإعلامه بأن القياس لا يكون صالحا باطراد لمعرفة الأحكام الشرعية، أو مدركا للفروع العملية، ولم يكن غرض الإمام (عليه السلام) بيان أن تلك الأحكام خالية عن العلل، عرية عن الحكم، فلا معنى للإجابة بذكر الحكم والتعاليل، وعلى كل فقد عجز أبو حنيفة عن الجواب، ولو اهتدى إلى التعليل لما عجز عنها في كثير أو قليل.
هذه أقوال بعض التابعين وتابعي التابعين ممن يأخذ بقولهم ولهم القيمة والمقام.
أما آراء العلماء ممن لهم الصوت والصيت وعليهم المعول في مثل هذه الشؤون، فإن استقصاءها يفوت القد، ويتجاوز الحد، وينهي بالسامع إلى السأم والملال، فإن دعت غريزة حب الاستطلاع، ونوازع الاطلاع، إلى أن تقف على شئ أو بعض شئ من تلك الأقاويل فألق نظرة على " ميزان الاعتدال " للشعراني، ثم ألقها مرة أخرى على " تاريخ الخطيب البغدادي "، ثم إني لا أقول لك * (ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير) * (1)، بل تنقلب بزيادة الاطلاع وقوة البصيرة وتتجلى لك حقيقة الحال بكل وضوح، وقد ترى ذلك منا إحالة على ما لم تلمسه اليد، ولم تره العين، وبين يديك كتاب وتحت بصرك ما تحب أن ترى منها وتلمس، فتلمس الفائدة المطلوبة والغرض المنشود، فنحن والحال هذه نوقفك على شئ أو بعض شئ،