وأجيب عن هذا الاستدلال، بأن هذا تحديد للإسلام، لا الإيمان، والإسلام أعم من الإيمان مستدلين على ذلك بما افتتحنا به فاتحة الموضوع وهو الآية الكريمة من قوله تعالى: * (قالت الاعراب) * الآية، متممين هذا الاستدلال بتمام هذا الحديث المذكور، وهو قوله (صلى الله عليه وآله): " فإذا قالوا ذلك حقنوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقنا، وحسابهم على الله " (1) وهذا يدل على أنه (صلى الله عليه وآله) حدد الاسلام لا الإيمان، كما هو واضح.
الثاني: - وهو قول جهم بن صفوان، وأبي الحسن الأشعري، وبعض الإمامية -:
إنه المعرفة، متمسكين في ذلك بما ورد من أن " أول الدين معرفته سبحانه " (2).
وردت هذه الدعوى ودليلها بأنه لو كانت المعرفة هي الإيمان، لم يقل سبحانه: * (فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به) * (3) فقد جمع تعالى المعرفة مع الكفر، والشئ لا يجتمع مع ضده، لأن الكفر ضد الإيمان.
وكذلك ردوها بقوله تعالى: * (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) * (4) فقد جمع تعالى وصفهم بالجحد مع استيقان النفس.
وكذلك ردوها بقوله تعالى، حكاية عن قول موسى (عليه السلام) لفرعون: * (لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض) * (5) فأثبت لفرعون المعرفة، بل العلم، ولم يكن فرعون من الإيمان على شئ.
فهذه الآيات دلت دلالة واضحة على أن الإيمان شئ، والمعرفة شئ آخر،