أحدهما: حكم العقل ببطلان العمل بالقياس عقلا، بمعنى أن العقل حاكم بأن القياس لا يصلح لأن يكون حجة عقلية.
ثانيهما: حكم العقل ببطلان العمل بالقياس شرعا، بمعنى أن العقل حاكم بأن القياس لا يصلح لأن يكون حجة شرعية، وحكم العقل على الوجه الأول يقرر على وجوه، وحكمه على الوجه الثاني يقرر على وجوه، والكلام الآن في تقرير حكم العقل على الوجه الأول فانظر إليه بإمعان.
إن حكم العقل على الوجه الأول - أعني حكم العقل ببطلان العمل بالقياس عقلا - يقرر على وجوه عديدة:
منها: إن العمل بالقياس ارتكاب طريق لا يؤمن معه الخطأ، وذلك قبيح، هذا هو أحد الوجوه التي يقرر فيها دليل العقل على بطلان العمل بالقياس.
وأنت ترى أن هذا الدليل يتكون منه قياس على هيئة الشكل الأول الذي هو من بداهة الانتاج بمكان، ويكون صورة القياس المؤلف هكذا: العمل بالقياس ارتكاب طريق لا يؤمن معه الخطأ، وكل ارتكاب طريق لا يؤمن معه الخطأ قبيح، فتكون النتيجة الحاصلة - بعد حذف المتكرر -: العمل بالقياس قبيح.
وأنت ترى أيضا أن هذا الشكل قد توفرت فيه شرائط الشكل الأول من إيجاب الصغرى وفعليتها مع كلية الكبرى، وهذا حاصل كما تراه.
يبقى الكلام على صدق مقدمتيه. أعني صغراه التي هي المقدمة الأولى، وهي قولنا: العمل بالقياس ارتكاب طريق لا يؤمن معه الخطأ، وكبراه التي هي المقدمة الثانية، وهي قولنا: وكل ارتكاب بطريق لا يؤمن معه الخطأ قبيح، إذ لا ريب أن صحة النتيجة هي فرع عن صحة المقدمات، فكان لزاما علينا التدليل على صدق