نعارض به قياسكم نحن نقر بفساده وبفساد قياسكم الذي هو مثله أو أضعف منه، كما نحتج على أهل كل مقالة من معتزلة ورافضة ومرجئة وخوارج ويهود ونصارى ودهرية، من أقوالهم التي يشهدون بصحتها، فنريهم تفاسدها وتناقضها، وأنتم تحتجون معنا عليهم بذلك ولسنا نحن ولا أنتم ممن يقر بتلك الأقوال التي نحتج عليهم بها. بلى، هي عندنا في غاية البطلان والفساد، كاحتجاجنا على اليهود والنصارى من كتبهم التي بأيديهم ونحن لا نصححها، بل نقول: إنها محرفة مبدلة لكن لنريهم تناقض أصولهم وفروعهم لا سيما وجميع أصحاب القياس مختلفون في قياساتهم، لا تكاد توجد مسألة إلا وكل طائفة منهم تأتي بقياس يدعى صحته ويعارض به قياس الآخرين، وهم كلهم مقرون مجمعون على أنه ليس كل قياس صحيحا، ولا كل رأي حقا.
فقلنا لهم: هاتوا حد القياس الصحيح والرأي الصحيح الذي به يميزان من القياس الفاسد، والرأي الفاسد، وهاتوا حد العلة الصحيحة التي لا يقيسون إلا عليها لتميز من العلة الفاسدة، فلجلجوا وبالله التوفيق.
قال أبو محمد: وهذا مكان أزرم عليهم، فيه ظهر فساد قولهم جملة، ولم يكن لهم إلى جواب يفهم سبيل أبدا وبالله التوفيق.
فإن أتوا في شئ من ذلك بنص، قلنا: النص حق، والذي تريدون أنتم إضافته إلى النص بآرائكم، باطل، وفي ذلك خولفتم. فإن ادعوا أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على القول بالقياس، قيل لهم: كذبتم، بل الحق انهم أجمعوا على إبطاله، وبرهان كذبهم أنهم لا سبيل لهم إلى وجود حديث عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه أطلق الأمر بالقول بالقياس بدا إلا في الرسالة الموضوعة على عمر وأن