قتل تلك الجراثيم، أو إزالتها بالماء.
هذا وأمثاله تعبير عن حكمة التشريع بلسان التصريح بأداة خاصة دالة على تعليل الحكم بصورة خاصة، ومثل قولهم (عليهم السلام): " أن تحت كل شعرة جنابة " (1) بيان لحكمة تشريع غسل الجنابة لكن عن طريق الإشارة لا العبارة، وعن طريق التلويح لا التصريح، ذلك أن الإمام (عليه السلام) أشار بلسان الكناية إلى ما أدركه الأطباء بعد قرون وقرون، من حدوث جراثيم على بدن الجنب عند إفراز الغدد المنوية لهذا السائل المنوي، تنتشر على البدن كله من القرن إلى القدم، ولا يقتلها أو لا يزيلها إلا الماء، من أجل ذلك وجب على الجنب غسل جميع بدنه قضاء على تلك الجراثيم.
وعلى أي حال ومهما يكن من أمر فما يسمى ب " الحكمة " على حد ما يسمى ب " العلة " من أنها تارة تكون " منصوصة "، وأخرى تكون " مستنبطة " - حسبما سلف -، والحجة هي الأولى دون الثانية، لكن " الحكمة " أخف مؤنة من " العلة " لما عرفت من أن الحكمة ليست هي مدار الحكم، لا في السلب ولا في الايجاب، لكن العلة هي المدار.
وحيث عرفت هذا وذاك، وتجلى لك أمر هذه المقدمة بوضوح، فاعرف أن القياس الممنوع الباطل هو الحكم المعلل بالعلة المستنبطة الذي يركز أساسه وتبنى قواعده على الرأي والاستحسان، وقد عرفت أننا الآن بصدد تقرير دليل العقل على المنع والبطلان.
يقرر دليل العقل على بطلان العمل بالقياس على وجهين: