ثابتا في الفرع أيضا ثبوته في الأصل، وذلك هو المطلوب في التمثيل، وليس في المقدمة الأولى ولا في المقدمة الثالثة إشكال أو بعض إشكال، إنما الإشكال في ثبوت المقدمة الثانية، وبثبوتها يثبت حجة القياس للمنطقيين في إثبات المقدمة الثانية، أعني كون علة الحكم في الأصل المشبه به هو تلك الصفة الخاصة، ولذلك النعت المخصوص طرق كثيرة عمدتها عندهم طريقان:
أحدهما: ما يسمى بطريق " الدوران " ومعناه ترتب الحكم على الوصف الذي له صلاحية العلية وجودا وعدما، كترتب الحرمة في الخمر على الإسكار فإنه ما دام مسكرا، حرام، فإذا زال عنه الإسكار زالت عنه الحرمة، قالوا: والدوران علامة كون المدار - أعني الوصف - علة للدائر، - أعني الحكم -.
ثانيهما: " الترديد " ويسمى أيضا ب " السبر والتقسيم " وهو أن يتفحص:
أولا: أوصاف الأصل ويردد أن علة الحكم هل هي هذه الصفة أو تلك، ثم يبطل.
ثانيا: حكم كل علية علية حتى يستقر على وصف واحد.
ويستفاد من ذلك كون هذا الوصف علة دون غيره من تلك الأوصاف، مثل ما يقال: علة الحرمة في الخمر هي: إما الاتخاذ من العنب، أو الغليان، أو اللون المخصوص، أو الرائحة المخصوصة، أو الطعم المخصوص، أو الاسكار، ثم يقال:
لكن الأول ليس بعلة لوجوده في الدبس بدون الحرمة، هكذا البواقي توجد في غير الخمر مع عدم الحكم بالحرمة هناك. فما العلة - إذن - إلا الإسكار، فتختصر العلية بالاسكار.
فقد عرفت أن العمدة في طريق إثبات علية العلة للحكم هما هذان الطريقان: