إن العلة هي الأمر الداعي للمشرع إلى تشريعه على نحو يدور مدارها التشريع في ناحيتي الوجود والعدم، فيوجد الحكم بوجودها ويعدم بعدمها، وهذه قسمان:
قسم جاء فيه التنصيص على العلة في لسان النص وفي أصل التشريع، كما جاء في قولهم: حرم الخمر لإسكاره، فعلل الحكم - وهو الحرمة - القائم على موضوعه - وهو الخمر - بعلة هي الوصف الخاص، وهو الإسكار، فيدور الحكم مدارها في ناحيتي الوجود والعدم، يثبت الحكم بثبوتها، وينتفي بانتفائها، وهذه العلة المنصوصة قد تكون بلسان الصراحة يعبر عنها بأدوات خاصة دالة على التعليل، كالكلام في مثل هذا النص، ومثل قوله تعالى: * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * (1) وكالباء في مثل قوله سبحانه: * (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم) * (2) وقوله سبحانه:
* (ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله) * (3) وكأن في مثل قوله عز من قائل: * (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا) * (4). وكقوله (صلى الله عليه وآله) في قتلى بدر: " رملوهم بكلومهم فإنهم يحشرون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دما "، وقد تكون بلسان الإشارة لا العبارة، وبالتعبير بالإيماء لا بالصراحة، مثل قوله تعالى: * (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض) * (5) فكأنه تعالى قال: لأنه أذى، وقوله عز من قائل: * (أن تضل إحداهما) * (6) فكأنه تعالى قال: لأنه تضل إحداهما.
وكما إذا وقع جوابا عن السؤال كما مثل فيما لو قيل: يا رسول الله، أفطرت،