حديث ابن عمر: " أنه شهد فتح مكة ومعه جمل جزور (1)، وبردة فلوت " قال أبو عبيد: أراد أنها صغيرة لا ينضم طرفاها، فهي تفلت من يده إذا اشتمل بها.
وعن ابن الأعرابي: الفلوت: الثوب الذي لا يثبت على صاحبه للينه أو خشونته، وفي الحديث: " وهو في بردة له فلتة " أي ضيقة صغيرة لا ينضم طرفاها، فهي تفلت من يده إذا اشتمل بها " [فسماها بالمرة من الانفلات] (2) يقال: برد فلتة وفلوت، كذا في لسان العرب.
وأراه يتفلت إلى صحبتك، من " تفلت إليه " إذا " نازع " فيه (3) وتفلت " عليه " إذا " توثب "، وفي الحديث: " إن عفريتا من الجن تفلت على البارحة " أي تعرض لي في صلاتي فجأة، وتقول: لا أرى لك أن تتفلت إلى هذا، ولا أن تتلفت (4) إليه.
وفي الأساس: فالته به مفالتة وفلاتا: فاجأه.
والفلات المفاجأة " نقله الصاغاني وسيأتي في ف ل ط أن الفلاط بمعنى المفاجأة لغة هذيل، نقله الجوهري وغيره.
وسموا أفلت " وفليتا (5) وفليتة، " كأحمد وزبير وسفينة "، فمن الأول: أفلت بن ثعل بن عمرو بن سلسلة الطائي، أبو غزية وعدي أمراء الحجاز والعراق، ومن الثاني: فليت العامري عن حبرة بنت دجاجة، وآخرون، ومن الثالث فليتة بن الحسن بن سليمان بن موهوب الحسني بينبع، والأمير الشجاع فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر الحسنى، ابن أخي شميلة، الذي سمع على كريمة المروزية، ملك مكة بعد أبيه، وتوفي سنة 527، وشكر، ومفرج، وموسى، بنو فليتة هذا، وصفهم الذهبي بالإمارة. قلت: والشريف تاج الدين هاشم بن فليتة، ولي مكة، وكذا ولده قاسم بن هاشم، ومنهم الأمير قطب الدين عيسى ابن فليتة ولي مكة أيضا، وحفيده الأمير محمد بن مكثر بن عيسى، هو الذي أخذ عنه مكة قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى جد الأمراء الموجودين الآن، كذا ذكره تاج الدين بن معية النسابة، وذكر عبد الله بن حنظلة البغدادي في تاريخه: أن قتادة أخذ مكة من يد مكثر بن عيسى سنة 597.
وأبو فليتة قاسم بن المهنى الأعرج الحسيني: أمير المدينة زمن المستنصر العباسي، وأخذ مكة وتولاها ثلاثة أيام في موسم سنة 571.
وفرس فلتان، بالكسر، ويحرك، وفلت كصرد، و " فلت، بضم فتشديد مثل " قبر "، أي " سريع "، نقله الصاغاني هكذا، وقد تقدم النقل عن الثقات أن الفلتان، محركة: الفرس النشيط الحديد الفؤاد السريع، وجمعه الفلتان، بالكسر، عن كراع.
ومالك منه فلت، محركة (6)، أي لا تنفلت منه "، أي لا تخلص.
ومن المجاز " فلتات المجلس: هفواته وزلاته ". وفي حديث صفة النبي صلى الله عليه وسلم " ولا تنثى فلتاته " أي زلاته، والمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن في مجلسه فلتات فتنثى (7)، أي تذكر، أو تحفظ وتحكي، وقيل: هذا نفى للفلتات ونثوها، كقول ابن أحمر:
لا تفزع الأرنب أهوالها * ولا ترى الضب بها ينجحر لأن مجلسه كان مصونا عن السقطات واللغو، وإنما كان مجلس ذكر حسن، وحكم بالغة، وكلام لا فضول فيه.
* ومما يستدرك عليه:
قولهم: افتلت عليه، إذا قضى عليه الأمر دونه، وفي المستقصى: أفلت وانحص الذنب.
وأفلت بجريعة الذقن، وقد تقدم.