استبد به (1)، قال الأزهري: قد صح الهمز عنهما في هذا الحرف، وما علمت الهمز فيه أصليا.
قلت: وقد تقدم ذلك بعينه في أول الفصل، فراجعه.
وافتات الكلام: ابتدعه " وارتجله، كافتلته. نقله الصاغاني.
وافتات " عليه " في الأمر: " حكم "، وكل من أحدث دونك شيئا فقد فاتك به، وافتات عليك فيه. (2).
ويقال: افتات عليه، إذا انفرد برأيه دونه في التصرف في شيء، ولما ضمن معنى التغلب عدي بعلى.
وتفاوت الشيئان "، أي " تباعد ما بينهما، تفاوتا، مثلثة الواو " حكاهما ابن السكيت، وقد قال سيبويه: ليس في المصادر تفاعل ولا تفاعل. وقال الكلابيون في مصدره: تفاوتا، ففتحوا الواو، وقال العنبري: تفاوتا، بكسر الواو، وحكى أيضا أبو زيد تفاوتا وتفاوتا - بفتح الواو وكسرها - وهو على غير قياس؛ لأن المصدر من تفاعل يتفاعل: تفاعل، مضموم العين، إلا ما روى من هذا الحرف، كذا في الصحاح.
قال شيخنا، أما الضم فهو القياس، وعليه اقتصر الفيومي في المصباح، وأما الكسر فقالوا: إنه محمول على المعتل من هذا الوزن كالتوابي (3) والتواني، ولا يعرف في الصحيح في غير هذا المصدر، وأما الفتح فإنه على جهة التخفيف، والتثليث حكاه ابن قتيبة في أدب الكاتب، وصرح بأنه لا نظير له، وصرح به ابن سيده وابن القطاع.
والفويت، كزبير: المتفرد برأيه " لا يشاور أحدا، وفي بعض النسخ المنفرد، " للمذكر والمؤنث "، يقال: رجل فويت، وامرأة فويت، كذلك، عن الرياشي، وهمزهما أبو زيد.
وفي التنزيل العزيز: " ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت " (4) المعنى: ما ترى في خلقه تعالى السماء اختلافا ولا اضطرابا، وعن الليث: فات يفوت فوتا فهو فائت، كما يقولون بون بائن (5)، وبينهم تفاوت وتفوت، وقرىء: " ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت " و " تفوت "، فالأول: قراءة أبي عمرو، قال قتادة: المعنى: من اختلاف، وقال السدي: من تفوت، وهو في قراءة حمزة والكسائي، " أي " من " عيب، يقول الناظر: لو كان كذا " وكذا " لكان أحسن "، وقال الفراء: هما بمعنى واحد.
ويقال: " تفوت عليه في ماله " أي " فاته به "، وفي الحديث: " أن رجلا تفوت على أبيه في ماله، فأتى أبوه النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك، فقال: اردد على ابنك ماله، فإنما هم سهم من كنانتك " قوله: تفوت: مأخوذ من الفوت، تفعل منه، ومعناه (6) أن الابن لم يستشر أباه، ولم يستأذنه في هبة مال نفسه، فأتى الأب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: ارتجعه من الموهوب له، واردده على ابنك، فإنه وما في يده تحت يدك، وفي ملكتك، وليس له أن يستبد بأمر دونك، فضرب كونه سهما من كنانته مثلا لكونه بعض كسبه، وأعلمه أنه ليس للابن أن يفتات على أبيه بماله، وهو من الفوت: السبق، تقول: تفوت فلان على فلان في كذا، وافتات عليه، إذا انفرد برأيه دونه في التصرف فيه، ولما ضمن معنى التغلب عدى بعلى، وقد تقدم.
* ومما يستدرك عليه:
افتات برأيه: استبد به.
وفاته في كذا: سبقه، وقد سبق ذكرهما.
وزعموا أن رجلا خرج من أهله فلما رجع، قالت له امرأته: لو شهدتنا لأخبرناك وحدثناك بما كان، فقال لها: لم تفاتي (7)، فهاتي.