قال أبو عبيد: وأخبرت (1) عن أبي الهيثم أنه كان يرويه " من الخبث " بضم الباء، [وهو جمع الخبيث] (2) وهو الشيطان الذكر، ويجعل الخبائث جمعا للخبيث (3) من الشياطين، قال أبو منصور: وهذا عندي أشبه بالصواب.
وقال ابن الأثير - في تفسير الحديث -: الخبث بضم الباء: جمع الخبيث، والخبائث: جمع الخبيثة " أي من ذكور الشياطين وإناثها.
وقيل: هو الخبث بسكون الباء، وهو خلاف طيب الفعل من فجور وغيره، والخبائث يريد بها الأفعال المذمومة والخصال الرديئة، وقال الخطابي: تسكين باء الخبث من غلط المحدثين، ورده النووي في شرح مسلم.
وفي المصباح: أعوذ بك من الخبث والخبائث، بضم الباء والإسكان جائز على لغة تميم، قيل: من ذكران الشياطين وإناثهم، وقيل: من الكفر والمعاصي.
وقوله عز وجل: " ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة " (4) " الشجرة الخبيثة " قيل: إنها " الحنظل، أو " إنها " الكشوث " (5)، وهي عروق صفر تلصق بالشجر.
" والمخبثة: المفسدة "، جمعه مخابث. قال عنترة:
نبئت عمرا غير شاكر نعمة * والكفر مخبثة لنفس المنعم أي مفسدة.
* ومما يستدرك عليه:
المخبث: الذي يعلم الناس الخبث، وأجاز بعضهم أن يقال للذي ينسب الناس إلى الخبث: مخبث. قال الكميت:
* فطائفة قد أكفروني بحبكم * أي نسبوني إلى الكفر.
وتخابث: أظهر الخبث.
وأخبثه غيره: علمه الخبث، وأفسده.
وهو يتخبث، ويتخابث.
وهو من الأخابث: جمع الأخبث، يقال: هم أخابث الناس.
والخبيث: نعت كل شيء فاسد. يقال هو خبيث الطعم، خبيث اللون، خبيث الفعل.
والحرام السحت (6) يسمى خبيثا مثل: الزنا، والمال الحرام، والدم وما أشبهها مما حرمه الله تعالى.
يقال في الشيء (7) الكريه الطعم والرائحة: خبيث، مثل: الثوم والبصل والكراث؛ ولذلك قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا ". والخبائث: ما كانت العرب تستقذره ولا تأكله، مثل: الأفاعي والعقارب والبرصة (8) والخنافس والورلان والفأر (9).
وقال ابن الأعرابي: أصل الخبث (10) في كلام العرب: المكروه، فإن كان من الكلام فهو الشتم، وإن كان من الملل (11) فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار، ومنه قيل - لما يرمى (12) من منفى الحديد -: الخبث، ومنه الحديث ": إن الحمى تنفى الذنوب كما ينفى الكير الخبث " .
وخبث الحديد والفضة، محركة: ما نفاه الكير إذا أذيبا، وهو ما لا خير فيه، ويكنى به عن ذي البطن.
وفي الحديث: " نهى عن كل دواء خبيث " قال ابن