فيه، وقد أغفله شيخنا على عادته في كثير من الألفاظ المبهمة.
وفي الحديث: " لا يصلى الرجل (1) وهو يدافع الأخبثين " " الأخبثان " عني بهما " البول والغائط " كذا في الصحاح، وفي الأساس: الرجيع والبول.
أو البخر والسهر " وبه فسر الصاغاني قولهم: نزل به الأخبثان.
" أو السهر والضجر ".
وعن الفراء: الأخبثان: القيء والسلاح، وهكذا وجدت كل ذلك قد ورد (2).
ومن المجاز: " الخبث بالضم: الزنا ".
وقد " خبث بهان ككرم " أي فجر، وفي الحديث: " إذا كثر الخبث كان كذا وكذا " أراد الفسق والفجور، ومنه حديث سعد بن عبادة " أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل مخدج سقيم وجد مع أمة (3) يخبث بها " أي يزنى.
" والخابثة: الخباثة ".
" والخبثة، بالكسر: في " عهدة " الرقيق " وهو قولهم: لا داء ولا خبثة ولا غائلة. فالداء: ما دلس به [للمشتري] (4) من عيب مخفى أو علة [باطنة] (4) لا ترى، والخبثة " أن لا يكون طيبة " بكسر الطاء وفتح التحتية المخففة، " أي " لأنه " سبى من قوم لا يحل استرقاقهم "، لعهد تقدم لهم، أو حرية في الأصل ثبتت لهم، والغائلة: أن يستحقه مستحق بملك صح له (5)، فيجب على بائعه رد الثمن إلى المشتري (6). وكل من أهلك (7) شيئا فقد غاله واغتاله، فكأن استحقاق المالك [إياه] (8) صار سببا لهلاك الثمن الذي أداه المشتري إلى البائع.
" والخبيث، كسكيت ": الرجل " الكثير الخبث "، وهذا هو المعروف من صيغ المبالغة، غير أنه عبر في اللسان بالخبيث من غير زيادة الكثرة، وقال " ج خبيثون ".
" والخبيثي " بكسر وتشديد الموحدة: اسم " الخبث "، من أخبث، إذا كان أهله خبثاء.
ويقال: وقع فلان في " وادي تخبث " بضم الأول والثاني وتشديد الموحدة المكسورة والمفتوحة معا ممنوعا، عن الكسائي، أي الباطل " كوادي تخيب " (9) بالموحدة وليس بتصحيف له، كما نبه عليه الصاغاني.
وفي حديث أنس ": أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الخلاء قال: أعوذ بالله من الخبث والخبائث " ورواه الزهري (10) بسنده عن زيد بن أرقم. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم فليقل: اللهم إني " أعوذ بك من الخبث والخبائث " قال أبو منصور: أراد بقوله: محتضرة، أي تحضرها (11) الشياطين ذكورها وإناثها، والحشوش: مواضع الغائط، وقال أبو بكر: الخبث: الكفر، والخبائث: الشياطين.
وفي حديث آخر: " اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث " قال أبو عبيد: الخبيث: ذو الخبث في نفسه، قال: والمخبث: الذي أصحابه وأعوانه خبثاء، وهو مثل قولهم: فلان ضعيف مضعف، [و] قوي مقو، فالقوى في بدنه والمقوي: الذي تكون دابته (12) قوية، يريد: هو الذي يعلمهم الخبث، ويوقعهم فيه.
وفي حديث قتلى بدر: " فألقوا في قليب خبيث مخبث " أي فاسد مفسد لما يقع فيه. قال (13): وأما قوله في الحديث " من الخبث والخبائث " فإنه أراد بالخبث الشر، وبالخبائث الشياطين.