كان يأمل أن يحصل على ما هو أعلى وأغلى فيما بعد، ويمكن ملا حظة ذلك بسهولة في بعض مسلمي مكة، الذين كانوا يواكبون الدعوة ويعاونونها ما دام لم تصل النوبة إلى التضحية بالنفس والموت، فإذا كان ذلك فإنهم يفرون، وينهزمون، ويتركون النبي وشأنه، وقد رمينا ذلك في كثير من المواقف.
نعم ربما يتمكن الدين تدريجيا من نفوس بعضهم، وتحصل لهم قناعة تدريجية به، ولسوف نشير إلى ذلك فيما يأتي إن شاء الله تعالى، ولربما حين الكلام على غزوة أحد.
وخلاصة الأمر: إن الميزان لدى البعض هو أهدافه هو، فما دامت الدعوة في خدمتها فهو معها، وأما إذا وجد أنها سوت تكون عقبة في طريقها، وتشكل خطرا عليها فإنه لا يألو جهدا ولا يدع وسيلة في الكيد لها، والعمل على هدمها وتحطيمها.
وثانيا: ما أشار إليه العلامة الطباطبائي أيضا: انه لا مانع من أن يسلم أحدهم في أول البعثة، ثم يعرض له ما يزلزل إيمانه، ويرتاب، ويرتد عن دينه، ولكنه يكتم ذلك، حفاظا على بعض المصالح الهامة بنظرة كالخوف من شماتة أعدائه، أو حفاظا على بعض علاقاته القبلية، أو التجارية، أو للعصبية والحمية، وغيرها مما يربطه بالمسلمين أو ببعضهم، أو للحفاظ على جاه من نوع معين، أو أي شئ آخر بالنسبة إليه (1) ولربما يشهد لذلك: أننا قد رأينا البعض يعترف أنه كان كثيرا ما يشك في هذا الامر، حتى اعترف في الحديبية أنه ارتاب ارتيابا لم يرتبه منذ أسلم (2) وفي غزوة أحد، حينما سمعوا انه " صلى الله عليه وآله وسلم " قد قتل فروا من المعركة، وقال بعضهم: " نلقي إليهم بأيدينا،