الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) - السيد جعفر مرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٧٣
ولكن كون الإقامة مرة مرة، مخالف لما هو ثابت قطعا عن أهل البيت (ع)، فإنه لا يرتاب أحد أنهم يروون ويرون أنها مثنى مثنى. وذلك هو مذهب كثير من الصحابة، والتابعين، وفقهاء الاسلام.
وجعلها مرة مرة إنما كان على يد الأمراء، فإن ذلك أمر استخفته الأمراء على حد تعبيرهم (1). وإلا فإن الإقامة مرتين مرتين.
وخامسا: عن عبد الله بن زيد نفسه قال: سمعت أذان رسول الله (ص) فكان أذانه وإقامته مثنى مثنى (2).
فلو كان هو الذي أري الأذان، فلابد أن يكون أعرف الناس به من كل أحد. فلماذا يرويه عن رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم ".
وسادسا: حكى الداودي، عن ابن إسحاق: أن جبرئيل أتى النبي (ص) بالأذان قبل أن يراه عبد الله بن زيد وعمر بثمانية أيام.
ويؤيد ذلك ما رووه أيضا: من أن عمر قد ذهب ليشتري ناقوسا، فأخبر: أن ابن زيد قد أري الأذان في المنام، فرجع ليخبر رسول الله (ص)، فقال له: " سبقك بذلك الوحي " (3).
وسابعا: إننا نرجح أن تشريع الأذان كان في مكة قبل الهجرة، وذلك لما تقدم عن ابن الحنفية، ولما يلي:
1 - عن زيد بن علي، عن آبائه (ع): أن رسول الله (ص) علم الأذان ليلة أسري به، وفرضت عليه الصلاة.
وكذا روي عن أمير المؤمنين " عليه السلام "، وعن ابن عمر،

(١) المصنف لعبد الرزاق ج ١ ص ٤٦٣، وسنن البيهقي ج ١ ص ٤٢٥.
(٢) مسند أبي عوانة ج ١ ص ٣٣١، وراجع سنن الدارقطني ج ١ ص ٢٤١.
(٣) المصنف لعبد الرزاق ج ١ ص ٤٥٦، تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٦٠، وليراجع:
البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٣٣، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٩٦ و 97.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست