فدعاه، فعلمه رسول الله (ص) الأذان، وأمره به (1).
وهذه الرواية لا تعارض ما سبق، إذ من الممكن أن يكون جبرئيل قد نزل بالأذان في مكة، كما أن الأذان الذي شرع حين الأسراء لعله الأذان الذي يمارسه كل فرد فرد، وأما أذان الاعلام فهو الذي نزل به جبرئيل وعلمه رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " بلالا وأمره به.
وبالنسبة لما جرى بالمدينة، فلعل الأقرب هو الرواية التي تقول: إنه حين قدم المسلمون المدينة، كانوا يجتمعون يتحينون الصلاة، وليس ينادى بها. وكلموه يوما في ذلك، فقال بعضهم لبعض: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بوقا مثل بوق اليهود، فقال عمر (رض):
ألا تبعثوا رجالا ينادون بالصلاة. فقال رسول الله (ص): " قم يا بلال فأذن " (2).
فهذه الرواية الأخيرة تفيد: أن المسلمين هم الذين اختلفوا فيما بينهم، واقترحوا بعض الوسائل على بعضهم البعض، فحسم (ص) النزاع بأمره بلالا بالأذان. فيظهر منه أن الأذان كان قد شرع قبل ذلك، حين الاسراء مثلا، ولكن هؤلاء المسلمين إما لم يطلعوا على ذلك، لأنهم أسلموا حديثا، أو أنهم أو بعضهم قد عرفوا بالأمر لكن لم يعجبهم ذلك، فأحبوا التغيير.
هذا.. وقد بحث الامام السيد عبد الحسين شرف الدين هذا الموضوع، فليراجعه من أراد (3).