وقع في سنة ثلاث عشرة. ولكن نص سيف على ما نص عليه الجمهور من أنها فتحت في نصف رجب سنة أربع عشرة " (1).
وعن عبد الرحمان بن جبير: أن أبا عبيدة نفسه قد ذهب ليبشر أبا بكر بفتح دمشق، فوجده قد توفى وأمره عمر على الناس. فلما عاد إلى دمشق قالوا: " مرحبا بمن بعثناه بريدا فقدم علينا أميرا " (2).
وعلى كل حال، فإن كتاب الصلح المتقدم، وسائر ما قدمناه يشهد:
بأن خالدا هو الذي صالح أهل الشام وفاقا لأكثر المؤرخين. وقد قلنا: إنه حتى لو كان الكتاب مؤرخا بسنة 15، أو كان ذلك كتابا آخر، فإنه أيضا يدل دلالة واضحة على أن التاريخ كان قد وضع قبل خلافة عمر.
وأما لماذا يعدل الرواة والمؤرخون عن الحقيقة، ألا وهي مصالحة خالد لأهل الشام قبل وفاة أبي بكر، فلعل تقارب الأحداث وتتابعها قد أوقعهم في الخلط والاشتباه. ولعله حين نريد أن نحسن الظن بهم - وهم أهل ومحل لذلك!! - قد كان لتعمد إظهار: أن عهد عمر كان عهد الفتوحات العظيمة، والتوسع الكبير، ولابد أن يكون فتح الشام، وهي هامة جدا، في عهده هو لا في عهد أبي بكر. وأيضا فثمة اهتمام خاص ظاهر للعيان بإثبات شجاعة خالد وإظهار قوته، وبطولاته في مواقفه، وأنه - دون كل أحد - رجل السيف والسنان، فلابد أن يكون قد فتحها عنوة، وأن يكون الذي صالح أهلها غيره!! ولو كان ذلك عن طريق الكذب والدجل والتزوير.
وأما أن أي ذلك الذي ذكرناه هو السبب الحقيقي في العدول عن الحقيقة، فلست أدري، ولعل القارئ الفطن الذكي يدرى.