فقلت لمن هذا أعز الله الأمير فقال لعراقي لكم فقلت انشدنيه أبو العتاهية لنفسه فقال هات اسمه ودع عنك هذا أن الله سبحانه وتعالى يقول ولا تنابزوا بالألقاب ولعل الرجل يكره هذا.
وفي العيون بسنده عن الرضا ع عن آبائه قال كان أمير المؤمنين ع يقول:
خلقت الخلائق في قدرة * فمنهم سخي ومنهم بخيل فاما السخي ففي راحة * وأما البخيل فشؤم طويل وفي العيون بسنده عن الريان بن الصلت قال أنشدني الرضا ع لعبد المطلب:
يعيب الناس كلهم زمانا * وما لزماننا عيب سوانا نعيب زماننا والعيب فينا * ولو نطق الزمان بنا هجانا وان الذئب يترك لحم ذئب * ويأكل بعضنا بعضا عيانا وبسنده عن إبراهيم بن العباس الصولي قال كان الرضا ع ينشد كثيرا:
إذا كنت في خير فلا تغترر * به ولكن قل اللهم سلم وتمم وفي المناقب عن كتاب الشعراء انه كان ع يتمثل:
تضئ كضوء السراج السليط * لم يجعل الله فيه نحاسا بعض ما مدح به من الشعر في إعلام الورى عن محمد بن يحيى الفارسي قال نظر أبو نواس إلى الرضا ع ذات يوم وقد خرج من عند المأمون على بغلة له فدنا منه وسلم عليه وقال يا ابن رسول الله قد قلت فيك أبياتا وأحب ان تسمعها مني فقال هات فانشا يقول:
مطهرون نقيات ثيابهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا من لم يكن علويا حين تنسبه * فما له في قديم الدهر مفتخر الله لما برا خلقا فاتقنه * صفاكم واصطفاكم أيها البشر فأنت الملأ الاعلى وعندكم * علم الكتاب وما جاءت به السور فقال الرضا ع قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحد يا غلام هل معك من نفقتنا شئ فقال له ثلاثمائة دينار فقال أعطها إياه ثم قال لعله استقلها يا غلام سق إليه البغلة. قال ولأبي نواس أيضا فيه حين عوتب على الإمساك عن مديحه فقال:
قيل لي أنت أوحد الناس طرا * في فنون من الكلام النبيه لك من جوهر الكلام بديع * يثمر الدر في يدي مجتنيه فعلى م تركت مدح ابن موسى * والخصال التي تجمعن فيه قلت لا اهتدي لمدح إمام * كان جبريل خادما لأبيه سبب وفاته وكيفيتها روى الصدوق في العيون بسنده عن ياسر الخادم: قال لما كان بيننا وبين طوس سبعة منازل اعتل أبو الحسن ع فدخلنا طوس وقد اشتدت به العلة فبقينا بطوس أياما فكان المأمون يأتيه في كل يوم مرتين الحديث.
أقول: ويظهر من عدة اخبار ان علته كانت الحمى، قال المجلسي في البحار: اعلم أن أصحابنا وغيرهم اختلفوا في أن الرضا ع هل مات حتف انفه أو مضى شهيدا بالسم وهل سمه المأمون أو غيره والأشهر بيننا انه مضى شهيدا بسم المأمون اه. وروى الصدوق في العيون عدة روايات في أنه سمه المأمون وكذلك روى المفيد في الارشاد.
وفي خلاصة تذهيب الكمال في أسماء الرجال عن سنن ابن ماجة القزويني كلاهما من علماء أهل السنة انه مات مسموما بطوس. وفي مقاتل الطالبيين: كان المأمون عقد له على العهد من بعده ودس له فيما ذكر بعد ذلك سما فمات منه اه وفي تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر عن الحاكم في تاريخ نيسابور أنه قال استشهد علي بن موسى بسنا آباد. وفيه عن أبي حاتم بن حبان انه ع مات آخر يوم من صفر وقد سم في ماء الرمان وسقي اه. وقال الطبري انه اكل عنبا فأكثر منه فمات فجاة اه.
سبب سم المأمون الرضا ع قال المفيد في الارشاد: كان الرضا علي بن موسى يكثر وعظ المأمون إذا خلا به ويخوفه الله ويقبح له ما يرتكب من خلافه فكان المأمون يظهر قبول ذلك منه ويبطن كراهته واستثقاله قال المفيد وأبو الفرج: ودخل الرضا ع يوما عليه فرآه يتوضأ للصلاة والغلام يصب على يده الماء فقال ع يا أمير المؤمنين لا تشرك بعبادة ربك أحدا قال المفيد فصرف المأمون الغلام وتولى تمام وضوئه بنفسه وزاد ذلك في غيظه ووجده وكان الرضا يزري على الحسن والفضل ابني سهل عند المأمون إذا ذكرهما ويصف له مساويهما وينهاه عن الاصغاء إلى قولهما وعرفا ذلك منه فجعلا يحطبان عليه عند المأمون ويذكران له عنه ما يبعده منه ويخوفانه من حمل الناس عليه فلم يزالا كذلك حتى قلبا رأيه فيه وعمل على قتله وقال أبو الفرج اعتل الرضا علته التي مات فيها وكان قبل ذلك يذكر ابني سهل عند المأمون فيزري عليهما وينهى المأمون عنهما ويذكر له مساويهما اه.
اما الكليني فليس في كتابه رواية تدل على أنه مات مسموما كما أنه لم يذكر في أبيه موسى بن جعفر انه مات مسموما مع اشتهار أمره بذلك بل اقتصر على أنه مات في حبس السندي بن شاهك. وفي كشف الغمة:
بلغني ممن أثق به ان السيد رضي الدين علي بن طاوس كان لا يوافق على أن المأمون سم الرضا ولا يعتقده وكان كثير المطالعة والتنقيب والتفتيش على مثل ذلك والذي كان يظهر من المأمون من حنوه عليه وميله إليه واختياره له دون أهله وأولاده مما يؤيد ذلك ويقرره اه.
قال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص وظاهره انه نقله عن أبي بكر الصولي في كتاب الأوراق: وزعم قوم ان المأمون سمه وليس بصحيح فإنه لما مات علي توجع له المأمون وأظهر الحزن عليه وبقي أياما لا يأكل طعاما ولا يشرب شرابا وهجر اللذات اه ويأتي تفصيل الحال في ذلك.
قال المفيد: بعد ما ذكر ان المأمون عمل على قتل الرضا ع فاتفق انه اكل هو والمأمون طعاما فاعتل منه الرضا ع وأظهر المأمون تمارضا وقال أبو الفرج اعتل الرضا فجعل المأمون يدخل إليه فلما ثقل تعلل المأمون وأظهر أنهما أكلا عنده طعاما ضارا فمرضا اه.
أقول كلام المفيد يدل على أنه كان قد سمه في ذلك الطعام فتمارض المأمون ليوهم الناس ان مرض الرضا من الطعام الضار لا من السم ولكن عبارة أبي الفرج تدل على أن الطعام لم يكن مسموما وانما كان السم في غيره مما يأتي لكن المأمون أظهر أن المرض من أكل الطعام الضار ولعل ذلك أقرب إلى الصواب. قال أبو الفرج: ولم يزل الرضا عليلا حتى مات، واختلف في أمر وفاته وكيف كان سبب السم الذي سقيه، ثم قال المفيد ونحوه أبو الفرج فذكر محمد بن علي بن حمزة عن منصور بن بشير عن