في فيه التراب. قال الطبري وفي سنة 284 عزم المعتضد بالله على لعن معاوية بن أبي سفيان على المنابر وامر بانشاء كتاب بذلك يقرأ على الناس فخوفه عبيد الله بن سليمان بن وهب وزيره اضطراب العامة وانه لا يامن أن تكون فتنة فلم يلتفت إلى ذلك من قوله وأول شئ بدأ به المعتضد حين أراد ذلك الامر بالتقدم إلى العامة بلزوم أعمالهم وترك الاجتماع والشهادة عند السلطان الا ان يسألوا عن شهادة إن كانت عندهم وبمنع القصاص من القعود على الطرقات وعملت بذلك نسخ قرئت في الجانبين من مدينة السلام في الأرباع والمحال والأسواق ثم منع يوم الجمعة القصاص من القعود في الجانبين ومنع أهل الحلق في الفتيا وغيرهم من القعود في المسجدين ونودي في المسجد الجامع بنهي الناس عن الاجتماع على قاص أو غيره ونودي في الجامعين يوم الجمعة بان الذمة بريئة ممن اجتمع على مناظرة أو جدل وتقدم إلى الذين يسفون الماء في الجامعين ان لا يترحموا على معاوية ولا يذكروه بخير وتحدث الناس ان هذا الكتاب يقرأ بعد صلاة الجمعة على المنبر فلما صلى الناس الجمعة بادروا إلى المقصورة ليسمعوا قراءة الكتاب فلم يقرأ فذكر ان المعتضد أمر باخراج الكتاب الذي كان المأمون أمر بانشائه بلعن معاوية فاخرج له من الديوان فاخذ من جوامعه نسخة هذا الكتاب وذكر ان عبيد الله بن سليمان الوزير أحضر يوسف بن يعقوب القاضي وأمره ان يعمل الحيلة في ابطال ما عزم عليه المعتضد فمضى يوسف فكلم المعتضد في ذلك وقال له يا أمير المؤمنين فما تصنع بالطالبيين الذي هم في كل ناحية يخرجون ويميل إليهم كثير من الناس لقرابتهم من الرسول وماثرهم وفي هذا الكتاب اطراؤهم أو كما قال وإذ سمع الناس هذا كانوا إليهم أميل وكانوا هم ابسط ألسنة وأثبت حجة منهم اليوم فامسك المعتضد فلم يرد عليه جوابا ولم يأمر في الكتاب بعده بشئ اه وهذه صورة الكتاب برواية الطبري في تاريخه:
صورة الكتاب الذي أمر به المعتضد بالله في شأن بني أمية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العلي العظيم الحليم الحكيم العزيز الرحيم المنفرد بالوحدانية الباهر بقدرته الخالق بمشيئته وحكمته الذي يعلم سوابق الصدور وضمائر القلوب لا يخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات العلى ولا في الأرضين السفلى قد أحاط بكل شئ علما وأحصى كل شئ عددا وضرب لكل شئ أمدا وهو العليم الخبير والحمد لله الذي برأ خلقه لعبادته وخلق عباده لمعرفته على سابق علمه في طاعة مطيعهم وماضي امره في عصيان عاصيهم فبين لهم ما يأتون وما يتقون ونهج لهم سبل النجاة وحذرهم مسالك الهلكة وظاهر عليهم الحجة وقدم إليهم المعذرة واختار لهم دينه الذي ارتضى لهم وأكرمهم به وجعل المعتصمين بحبله والمتمسكين بعروته أولياءه وأهل طاعته والعاندين عنه والمخالفين له أعداءه وأهل معصيته ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وان الله لسميع عليم والحمد لله الذي اصطفى محمدا رسوله من جميع بريته واختاره لرسالته وابتعثه بالهدى والدين المرتضى إلى عباده أجمعين وانزل عليه الكتاب المبين المستبين وتاذن له بالنصر والتمكين وأيده بالعز والبرهان المتين فاهتدى به من اهتدى واستنقذ به من استجاب له من العمى وأضل من أدبر وتولى حتى أظهر الله امره وأعز نصره وقهر من خالفه وانجز له وعده وختم به رسله وقبضه مؤديا لأمره مبلغا لرسالته ناصحا لأمته مرضيا مهتديا إلى أكرم مآب المنقلبين وأعلى منازل أنبيائه المرسلين وعباده الفائزين ف صلى الله عليه أفضل صلاة وأتمها وأجلها وأعظمها وأزكاها وأطهرها وعلى آله الطيبين والحمد لله جعل أمير المؤمنين وسلفه الراشدين المهتدين ورثة خاتم النبيين وسيد المرسلين والقائمين بالدين والمقومين لعباده المؤمنين والمستحفظين ودائع الحكمة ومواريث النبوة والمستخلفين في الأمة والمنصورين بالعز والمنعة والتأييد والغلبة حتى يظهر الله دينه على الدين كله ولو كره المشركون. وقد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعة العامة من شبهة قد دخلتهم في أديانهم وفساد قد لحقهم في معتقدهم وعصبية قد غلبت عليها أهواؤهم ونطقت بها ألسنتهم على غير معرفة ولا روية وقلدوا فيها قادة الضلالة بلا بينة ولا بصيرة وخالفوا السنن المتبعة إلى الأهواء المبتدعة قال الله عز وجل ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ان الله لا يهدي القوم الظالمين خروجا عن الجماعة ومسارعة إلى الفتنة وإيثارا للفرقة وتشتيتا للكلمة واظهارا لموالاة من قطع الله عنه الموالاة وبتر منه العصمة وأخرجه من الملة وأوجب عليه اللعنة وتعظيما لمن صغر الله حقه وأوهن امره وأضعف ركنه من بني أمية الشجرة الملعونة ومخالفة لمن استنقذهم الله به من الهلكة وأسبغ عليهم به النعمة من أهل بيت البركة والرحمة قال الله عز وجل يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم فاعظم أمير المؤمنين ما انتهى إليه من ذلك ورأى في ترك إنكاره حرجا عليه في الدين وفسادا لمن قلده الله امره من المسلمين واهمالا لما أوجبه الله عليه من تقويم المخالفين وتبصير الجاهلين وإقامة الحجة على الشاكين وبسط اليد على العاندين وأمير المؤمنين يرجع إليكم معشر الناس بان الله عز وجل لما ابتعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بدينه وأمره ان يصدع بأمره بدأ باهله وعشيرته فدعاهم إلى ربه وأنذرهم وبشرهم ونصح لهم وأرشدهم فكان من استجاب له وصدق قوله واتبع امره نفر يسير من بني أبيه من بين مؤمن بما أتى به من ربه وبين ناصر له وان لم يتبع دينه اعزازا له وإشفاقا عليه لماضي علم الله فيمن اختار منهم ونفذت مشيئته فيما يستودعه إياه من خلافته وإرث نبيه فمؤمنهم مجاهد ببصيرته وكافرهم مجاهد بنصرته وحميته يدفعون من نابذه ويقهرون من عازه وعانده ويتوثقون له ممن كانفه وعاضده ويبايعون له من سمح بنصرته ويتجسسون له اخبار أعدائه ويكيدون له بظهر الغيب كما يكيدون له برأي العين حتى بلغ المدي وحان وقت الاهتداء فدخلوا في دين الله وطاعته وتصديق رسوله والايمان به بأثبت بصيرة وأحسن هدى ورغبة فجعلهم الله أهل بيت الرحمة وأهل بيت الدين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ومعدن الحكمة وورثة النبوة وموضع الخلافة وأوجب لهم الفضيلة وألزم العباد لهم الطاعة وكان ممن عانده ونابذه وكذبه وحاربه من عشيرته العدد الأكثر والسواد الأعظم يتلقونه بالتكذيب والتثريب ويقصدونه بالأذية والتخويف ويبارزونه بالعداوة وينصبون له المحاربة ويصدون عنه من قصده وينالون بالتعذيب من اتبعه وكان أشدهم في ذلك عداوة وأعظمهم له مخالفة وأولهم في كل حرب ومناصبة ورأسهم في كل اجلاب وفتنة لا يرفع على الاسلام راية إلا كان صاحبها وقائدها ورئيسها في كل مواطن الحرب من بدر وأحد والخندق والفتح أبا سفيان بن حرب وأشياعه من بني أمية الملعونين في كتاب الله ثم الملعونين على لسان رسول الله في عدة مواطن وعدة مواضع لماضي علم الله فيهم وماضي حكمه في امرهم وكفرهم ونفاقهم فحارب مجاهدا ودافع مكابدا وأقام منابذا حتى قهره السيف وعلا أمر الله وهم كارهون فتقول بالاسلام غير منطو عليه وأسر الكفر غير مقلع عنه فعرفه بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون وميز له المؤلفة قلوبهم فقبله وولده على علم منه بحاله وحالهم فمما لعنهم الله به على