جيرانها وهم شر الجوار لها * وصحبها وهم شر الأصاحيب فؤاد كل محب في بيوتهم * ومال كل أخيذ المال محروب ما أوجه الحضر المستحسنات به * كأوجه البدويات الرعابيب حسن الحضارة مجلوب بتطرية * وفي البداوة حسن غير مجلوب أين المعيز من الآرام ناظرة * وغير ناظرة في الحسن والطيب أفدي ظباء فلاة ما عرفن بها * مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب ولا برزن من الحمام ماثلة * أوراكهن صقيلات العراقيب ومن هوى كل من ليست مموهة * تركت لون مشيبي غير مخضوب ومن هوى الصدق في قولي وعادته * رغبت عن شعر في الرأس مكذوب ليت الحوادث باعتني الذي أخذت * مني بحلمي الذي أعطت وتجريبي فما الحداثة من حلم بمانعة * قد يوجد الحلم في الشبان والشيب ترعرع الملك الأستاذ مكتهلا * قبل اكتهال أديبا قبل تأديب يدبر الملك من مصر إلى عدن * إلى العراق فارض الروم فالنوب كان كل سؤال في مسامعه * قميص يوسف في أجفان يعقوب وفي الصبح المنبي انه كان يقف بين يدي كافور وفي رجليه خفان وفي وسطه سيف ومنطقة ويركب بحاجبين من مماليكه وهما بالسيوف والمناطق وكان لا يجلس بمجلس كافور فأرسل إليه من قال له قد طال قيامك يا أبا الطيب في مجلس كافور يريد ان يعلم ما في نفسه فقال ارتجالا:
يقل له القيام على الرؤوس * وبذلك المكرمات من النفوس إذا خانته في يوم ضحوك * فكيف تكون في يوم عبوس وقاد إليه كافور فرسا فقال يمدحه من قصيدة:
فراق ومن فارقت غير مذمم * وأم ومن يممت خير ميمم وما منزل اللذات عندي بمنزل * إذا لم أبجل عنده وأكرم رحلت فكم باك باجفان شادن * علي وكم باك باجفان ضيغم ومأربة القرط المليح مكانه * بأجزع من رب الحسام المصمم فلو كان ما بي من حبيب مقنع * عذرت ولكن من حبيب معمم رمى واتقى رميي ومن دون ما اتقى * هوى كاسر كفي وقوسي وأسهمي إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه * وصدق ما يعتاده من توهم وعادى محبيه بقول عداته * وأصبح في ليل من الشك مظلم أ صادق نفس المرء من قبل جسمه * واعرفها في فعله والتكلم وأحلم عن خلي واعلم أنه * متى أجزه حلما على الجهل يندم واهوى من الفتيان كل سميدع * نجيب كصدر السمهري المقوم خطت تحته العيس الفلاة وخالطت * به الخيل كبات الخميس العرمرم ولا عفة في سيفه وسنانه * ولكنها في الكف والطرف والفم وما كل هاو للجميل بفاعل * ولا كل فعال له بمتمم فدى لأبي المسك الكرام فإنها * سوابق خيل يهتدين بأدهم أغر بمجد قد شخصن وراءه * إلى خلق رحب وخلق مطهم و في الصبح المنبي: من رام معرفة مراد أبي الطيب في هذين البيتين فعليه بقول ابن الرومي:
هم الغرة البيضاء من آل مصعب * وهم بقعة التحجيل والناس أدهم ومن مثل كافور إذا الخيل أحجمت * وكان قليلا من يقول لها اقدمي شديد ثبات الطرف والنقع واصل * إلى لهوات الفارس المتلثم أبا المسك أرجو منك نصرا على العدى * وآمل عزا يخضب البيض بالدم ويوما يغيظ الحاسدين وحالة * أقيم الشقا فيها مقام التنعيم فلو لم تكن في مصر ما سرت نحوها * بقلب المشوق المستهام المتيم ولا اتبعت آثارنا عين قائف * فلم تر الا حافرا فوق منسم وسمنا بها البيداء حتى تغمرت * من النيل واستذرت بظل المقطم وأبلج يعصي باختصاصي مشيره * عصيت بقصديه مشيري ولومي وهذا البيت إشارة إلى ما كان يكتبه ابن ملك اليهودي إلى كافور بحق المتنبي كما مر:
فساق إلي العرف غير مكدر * وسقت إليه الشكر غير مجمجم فاحسن وجه في الورى وجه محسن * وأيمن كف فيهم كف معم وأشرفهم من كان أشرف همة * وأكثر اقداما على كل معظم لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها * سرور محب أو مساءة مجرم وقال يمدحه في شوال سنة 347 من قصيدة:
وكم لظلام الليل عندك من يد * تخبر ان المانوية تكذب ويوم كليل العاشقين كمنته * أراقب فيه الشمس أيان تغرب وعيني إلى أذني أغر كأنه * من الليل باق بين عينيه كوكب له فضلة عن جسمه في اهابه * تجئ على صدر رحيب وتذهب وما الخيل الا كالصديق قليلة * وان كثرت في عين من لا يجرب إذا لم تشاهد غير حسن شياتها * وأعضائها فالحسن عنك مغيب لحى الله ذي الدنيا مناخا لراكب * فكل بعيد الهم فيها معذب ألا ليت شعري هل أقول قصيدة * فلا أشتكي فيها ولا أتعتب وبي ما يذود الشعر عني أقله * ولكن قلبي يا ابنة القوم قلب واخلاق كافور إذا شئت مدحه * وان لم أشأ تملي علي واكتب ومن قوله في هذه القصيدة يستزيده في العطاء ويطلب منه ان يقطعه ضيعة أو يوليه ولاية:
أبا المسك هل في الكاس فضل اناله * فاني أغني منذ حين وتشرب وهبت على مقدار كفي زماننا * ونفسي على مقدار كفيك تطلب وهذا من أحسن ما قيل في طلب الزيادة والاعتذار عن الممدوح:
إذا لم تنط بي ضيعة أو ولاية * فجودك يكسوني وشغلك يسلب وكل امرئ يولي الجميل محبب * وكل مكان ينبت العز طيب يريد بك الحساد ما الله دافع * وسمر العوالي والحديد المذرب إذا طلبوا جدواك أعطوا وحكموا * وان طلبوا الفضل الذي فيك خيبوا ولو جاز ان يحووا علاك وهبتها * ولكن من الأشياء ما ليس يوهب وأظلم أهل الظلم من بات حاسدا * لمن بات في نعمائه يتقلب وما طربي لما رأيتك بدعة * لقد كنت أرجو ان أراك فاطرب قال أبو الفتح بن جني: لما قرأت على أبي الطيب هذا البيت قلت له: لم تزد على أن جعلته أبا زنة وهو القرد فضحك أبو الطيب: فإنه بالذم أشبه منه بالمدح. ومنها في وصف شعره:
فشرق حتى ليس للشرق مشرق * وغرب حتى ليس للغرب مغرب إذا قلته لم يمتنع من وصوله * جدار معلى أو خباء مطنب واتصل بأبي الطيب وهو في مصر ان قوما نعوه في مجلس سيف الدولة