درهم فامتنع وكتب أبو علي الحسن بن أحمد بن حمولة وهو من أعيان الكتاب المتقدمين الذين استخصهم الصاحب وكان عند موت الصاحب بجرجان مع الجيوش لمدافعة قابوس بن وشمگير فكتب يخطب الوزارة ويبذل ثمانية آلاف ألف درهم فأجيب بالحضور فلما قرب قال فخر الدولة لأبي العباس الضبي قد عزمت على الخروج لتلقيه وأمرت قوادي وأصحابي بالنزول له ولا بد من خروجك ونزولك له فثقل هذا القول على أبي العباس ولامه أصحابه على امتناعه عما دعاه إليه فخر الدولة أولا فراسله وبذل ستة آلاف ألف درهم على اقراره على الوزارة واعفائه من الخروج فخرج فخر الدولة ولم يخرج أبو العباس وأشرك فخر الدولة بينهما في وزارته وسامح كلا منهما بألفي ألف درهم وقرر عليهما عشرة آلاف ألف وخلع عليهما على أن يجلسا في دست واحد ويكون التوقيع لهذا في يوم والعلامة للآخر ويجعل الكتب باسميهما يقدم عنواناتها لهذا يوما ولهذا يوما ثم مات فخر الدولة وولي الأمر بعده ابنه مجد الدولة أبو طالب رستم واستولت السيدة والدته على الأمر وبقي الوزيران على حالهما ثم نجم قابوس واستولى على جرجان فاضطر إلى تجهيز جيش بقيادة أحد الوزيرين فوقعت القرعة على ابن حمولة ووقعت بينه وبين قابوس وقائع استنفدت الأموال واحتاج إلى الامداد من الري فتقاعد به أبو العباس الضبي فرجع إلى الري مفلولا وسعت بينهما السعاة فقبض أبو العباس على ابن حمولة بأمر السيدة وحمله إلى قلعة استوناوند ثم أنفذ إليه من قتله واستبد أبو العباس بالأمر وجرت له خطوب وعجز في آخرها ومات للسيدة ابن أخ فاتهمته انه سقاه السم فهرب إلى بروجرد سنة 392 ملتجئا إلى بدر بن حسنويه الكردي فلم يزل عنده حتى مات وتبعه ابنه أبو القاسم سعد وقيل إن أبا بكر بن رافع أحد قواد فخر الدولة واطأ أحد غلمانه فسقاه سما ويقال انه قبل موته بدا له في الرجوع إلى الوزارة فبذل مائتي ألف دينار ليعاد إلى وزارة مجد الدولة فلم يجب إلى ذلك ثم مات بعده بشهور ابنه سعد فاحتوى أبو بكر محمد بن عبد العزيز بن رافع على المال ولما مات ورد تابوته إلى بغداد مع أحد حجابه وكتب ابنه إلى أبي بكر الخوارزمي شيخ أصحاب أبي حنيفة يعرفه أنه وصى بدفنه في مشهد الحسين بن علي ع ويسأله القيام بأمره وابتياع تربة له فخاطب الشريف الطاهر أبا أحمد والد الشريفين المرتضى والرضي في ذلك وسأله أن يبيعهم تربة بخمسمائة دينار فقال هذا رجل التجأ إلى جوار جدي ولا آخذ لتربته ثمنا وكتب نفسه الموضع الذي طلب منه (1) وأخرج التابوت إلى براثا وخرج الطاهر أبو أحمد ومعه الاشراف والفقهاء وصلى عليه وأصحابه خمسين رجلا من رجاله حتى أوصلوه ودفنوه هنالك.
مراثيه ورثاه مهيار الديلمي بقصيدة وعزى فيها ابنه سعدا وانفذها إلى الدينور يقول فيها:
لم سد باب الملك وهو مواكب * وخلت مجالسه وهن محافل ما للجياد صوافنا وصوامتا * نكسا وهن سوابق وصواهل من قطر الشجعان عن صهواتها * وهم بها تحت الرماح ألأجادل المجد في جدث ثوى أم كوكب * الدنيا هو أم ركن ضبة مائل أبكيك لي ولمرملين بنوهم * الأيتام بعدك والنساء أرامل ولمستجير والخطوب تنوشه * مستطعم والدهر فيه آكل متلوم العزمات لا هو قاطن * في داره فقرأ ولا هو راحل ولمعشر طرق العلوم ذنوبهم * في الناس وهي لهم إليك وسائل كانوا عن الطلب الذليل بمنزل * ثقة وأنت بما كفاهم كافل وعصائب هي ان ركبت مواكب * تسع العيون وان غضبت جحافل ولج الحمام إليك بابا ما شكا * غير الزحام عليك فبه داخل مستبشرا بالوفد لم يجبه به * رد ولم ينهر عليه سائل لم يغنك الكرم العتيد ولا حمى * عنك السماح ولا كفاك النائل فغدوت ما لك في عدوك حيلة * تغني ولا لك من صديقك طائل يا ثاويا لم تقض حق مصابه * كبد محرقة وجفن هامل فاليوم أشكرك الصنيع مراثيا * خرس المشبب عندها والغازل يا ليث لا يبعد حماك وان خلا * منك العرين فان شبلك باسل يقظان تعرف فيه مبتدئا كما * قال ابن حجر من أبيه شمائل طب في الثرى نفسا فوفدك حوله * زمر الثناء وربع مجدك آهل لا تحسبن وسعد ابنك طالع * يحتل برجك ان سعدك آفل مدائحه لمهيار فيه مدائح كثيرة منها قوله من قصيدة يعاتبه ويبرأ من أمر بلغه عنه : أجيراننا بالغور والركب متهم * أيعلم خال كيف بات المتيم رحلتم وعمر الليل فينا وفيكم * سواء ولكن ساهرون ونوم بنا أنتم من ظاعنين وخلفوا * قلوبا أبت ان تعرف الصبر عنهم يقولون الوجوه الشمس والشمس فيهم * ويسترشدون النجم والنجم منهم بكيت على الوادي فحرمت ماءه * وكيف يحل الماء أكثره دم وان ملوكا في بروجرد كرمت * بهم بذلوا الإنصاف فيما تكرموا فميز من أعدائهم أولياؤهم * إذا انتقموا يوم الجزاء وانعموا ألام وكان البر منكم سجية * تواصلنا يخفى وكم نتظلم أواش دهاني عندكم أم خيانة * جنتها يد حاشاي من ذاك أو فم وما انا ممن يستغر بخدعة * يعود على اعقابها يتندم أ سادتنا والجود صيرنا بكم * عبيدا وعن قوم نعز ونكرم ونفس قضت فيكم زمان شبابها * رجت انها فيكم تشيب وتهرم متى اعتضتم مني خطيبا بفضلكم * وهل مثل شعري عن علاكم مترجم وهل غير مدحي طبق الأرض فيكم * وإن كان ملئى الأرض ما قد مدحتم وللأستاذ أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن علي بن الحريش في مدح المترجم أورده في تتمة اليتيمة:
بتفسي وأهلي شعب واد تحله * ودهر مضى لم يحد الا أقله وعطفة صدع يهتدي فوق خده * ويضربه روح الصبا فيضله وطيب عناقي منه بدرا أضمه * إلي وأهوى لثمه فاجله وقفنا معا واللوم يصفق رعده * ومنا سحاب الدمع يسجم وبله ترق على ديباجته دموعه * كما غازل الورد المضرج طله وينأى رقيب عن مقام وداعنا * وتبلغه أنفاسنا فتدله يقلقني عتب الحبيب وغدره * ويقلقني جد الحبيب وهزله وكيف أقي قلبي مواقع رميه * ولست أرى من أين ينثال نبله فلو طاف في دارين ما طاب مسكه * ولو عاج في بيرين ما ماج رمله فيا من يكد النفس في طلب العلى * إذا كبرت نفس الفتى طال شغله فان ماثلوه صورة وتخيلا * فارواؤنا بالماء والآل شكله وليس الفتى يرجى إذا أبيض رأسه * ولكنه يرجى إذا أبيض فعله إليك زففت الشعر يقرب فهمه * وينأى على طبع المساجل سهله