الله على خلفائه في أرضه وأمنائه على عباده الذين ارتضاهم لإقامة دينه وحملهم رعاية خلقه وإمضاء حكمه وسننه والائتمام بعدله في بريته أن يجهدوا لله أنفسهم وينصحوا له فيما استحفظهم وقلدهم ويدلوا عليه تبارك اسمه وتعالى بفضل العلم الذي أودعهم والمعرفة التي جعلها فيهم ويهدوا إليه من زاغ عنه ويردوا من أد؟ عن أمره وينهجوا لرعاياهم سمت نجاتهم ويقفوهم على حدود ايمانهم وسبيل فوزهم وعصمتهم ويكشفوا لهم عن مغطيات أمورهم ومشتبهاتها عليهم بما يدفعون الريب عنهم ويعود بالضياء والبينة على كافتهم وأن يؤثروا ذلك من ارشادهم وتبصيرهم إذ كان جامعا لفنون مصانعهم ومنتظما لحظوظ عاجلتهم وآجلتهم ويتذكروا ما الله مرصد من مساءلتهم عما حملوه ومجازاتهم بما أسلفوه وقدموا عنده وما توفيق أمير المؤمنين إلا بالله وحده وحسبه الله وكفى به ومما بينه أمير المؤمنين برويته وطالعه بفكره فتبين عظيم خطره وجليل ما يرجع في الدين من وكفه وضرره ما ينال المسلمون بينهم من القول في القرآن الذي جعله الله إماما لهم وأثرا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفيه محمد صلى الله عليه وسلم باقيا لهم واشتباهه على كثير منهم حتى حسن عندهم وتزين في عقولهم ألا يكون مخلوقا فتعرضوا بذلك لدفع خلق الله الذي بان به عن خلقه وتفرد بجلالته من ابتداع الأشياء كلها بحكمته وانشائها بقدرته والتقدم عليها بأوليته التي لا يبلغ أولاها ولا يدرك مداها وكان كل شئ دونه خلقا من خلقه وحدثا هو المحدث له وإن كان القرآن ناطقا به ودالا عليه وقاطعا للاختلاف فيه وضاهوا به قول النصارى في ادعائهم في عيسى ابن مريم انه ليس بمخلوق إذ كان كلمة الله والله عز وجل يقول " إنا جعلناه قرآنا عربيا " وتأويل ذلك أنا خلقناه كما قال جل جلاله " وجعل منها زوجها ليسكن إليها " وقال " وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا " وجعلنا من الماء كل شئ حي " فسوى عز وجل بين القرآن وبين هذه الخلائق التي ذكرها في شية الصنعة وأخبر أنه جاعله وحده فقال " إنه لقرآن مجيد في لوح محفوظ " فقال ذلك على إحاطة اللوح بالقرآن ولا يحاط الا بمخلوق وقال لنبيه صلى الله عليه
(١٩٨)