ولا تداهنن عدوا ولا تصدقن نماما ولا تأمنن غدار أولا توالين فاسقا ولا تتبعن غاويا ولا تحمدن مرائيا ولا تحقرن إنسانا ولا تردن سائلا فقيرا ولا تجيبن باطلا ولا تلاحظن مضحكا ولا تخلفن وعدا ولا ترهبن فجرا ولا تعملن غضبا ولا تأتين بذخا ولا تمشين مرحا ولا تركبن سفها ولا تفرطن في طلب الآخرة ولا تدفع الأيام عيانا ولا تغمضن عن الظالم رهبة منه أو مخافة ولا تطلبن ثواب الآخرة بالدنيا وأكثر مشاورة الفقهاء واستعمل نفسك بالحلم وخذ عن أهل التجارب وذوي العقل والرأي والحكمة ولا تدخلن في مشورتك أهل الدقة والبخل ولا تسمعن لهم قولا فان ضررهم أكثر من منفعتهم وليس شئ أسرع فسادا لما استقبلت في أمر رعيتك من الشح واعلم أنك إذا كنت حريصا كنت كثير الاخذ قليل العطية وإذا كنت كذلك لم يستقم لك أمرك إلا قليلا فإن رعيتك إنما تعتقد على محبتك بالكف عن أموالهم وترك الجور عنهم ويدوم صفاء أوليائك لك بالافضال عليهم وحسن العطية لهم فأجتنب الشح وأعلم أنه أول ما عصى به الا؟ ن ربه وأن العاصي بمنزلة خزى وهو قول الله عز وجل (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) فسهل طريق الجود بالحق واجعل للمسلمين كلهم من نيتك حظا ونصيبا وأيقن أن الجود من أفضل أعمال العباد فاعدده لنفسك خلقا وارض به عملا ومذهبا وتفقد أمور الجند في دواوينهم ومكاتبهم وأدرر عليهم أرزاقهم ووسع عليهم في معايشهم ليذهب بذلك الله فاقتهم ويقوم لك أمرهم ويزيد به قلوبهم في طاعتك وأمرك خلوصا وانشراحا وحسب ذي سلطان من السعادة أن يكون على جنده ورعيته رحمة في عدله وحيطته وانصافه وعنايته وشفقته وبره وتوسعته فزايل مكروه إحدى البليتين باستشعار تكملة الباب الآخر ولزوم العمل به تلق إن شاء الله نجاحا وصلاحا وفلاحا واعلم أن القضاء من الله بالمكان الذي ليس به شئ من الأمور لأنه ميزان الله الذي يعتدل عليه الأحوال في الأرض وبإقامة العدل في القضاء والعمل تصلح الرعية وتأمن السبل وينتصف المظلوم ويأخذ الناس حقوقهم وتحسن المعيشة ويؤدى حق الطاعة ويرزق الله العافية والسلامة ويقوم الدين وتجرى السنن والشرائع
(١٦٤)