معه من الأمور المشتركة بين النوعين، وخرج عنه المكث في المقصد مع أنه داخل فيه قطعا، فاللازم أحد الأمرين: إرادة ما يتناول الليل من اليوم فيه، أو ترك الاعتدال المأخوذ هناك، وعلى التقديرين فالاختلاف حاصل بين الموضعين، فلا يكون أحدهما تابعا للآخر موكولا إليه، بل يكون كل منهما أصلا برأسه ومستقلا في محله، فلا إشارة في نصوص بياض اليوم ونحوه إلى ما نحن فيه كالعكس، بل تلك بالامتدادية وهذه بالتلفيقية، هذا.
ولكن الانصاف أن المنساق إلى الذهن من الموثق إرادة رفع استبعاد السائل بالأمر الثابت المعلوم المعهود المتقرر بغير هذا الحديث، وليس إلا أخبار مسير اليوم وبياض اليوم، فيكون شغل اليوم هنا أعم من شغله بالفعل بمقتضى الحوالة المقتضية للتوافق في المعنى، ولا ينافي ذلك اختصاص مورد تلك الأخبار بالسير الممتد، لأن الاستبعاد يرتفع بالمشاكلة والتنظير، ولا يتوقف على الفردية والدخول ولا التوافق من كل وجه، بل المراد أنه لا استبعاد في التقصير بالبريد لأنه يشغل بالعود، فيكون كسير اليوم الواقع في الذهاب وإن لم يكن منه، كما أنه لا ينافيه أيضا تخلل المقصد في أثنائه، بخلافه يوم المسافة الامتدادية، لأن المراد تقدير السير الواقع منه لو رجع بسير اليوم بعني البريدين.
ودعوى أن رفع الاستبعاد المقصود في الحديث لا يجب أن يكون بالأمر المتقرر في غيره بل يكفي فيه حصول شغل اليوم المقتضي لتضعيف المسافة وظهور المشقة التي هي علة التقصير في السفر، وهذا معلوم من دون إحالة على التحديد ببياض اليوم ونحوه مما ورد في تلك الأخبار كما ترى واضحة المكابرة، لما يرى بالعيان من سبق ما ذكر إلى الأذهان، على أنه إن لم يجعل إشارة إلى ذلك اقتضى بناء على عموم المفهوم اعتبار الشغل بالفعل في القصر بالمسافة الامتدادية، إلا أن يرتكب تخصيصه أو تقييده بأدلة أخر.