وإن كان قد يناقش في أولهما بعدم اشتراط التمام فيهما بالخمسة إلا أن يحمل النهي على إرادة بيان مرجوحية الاتمام في الناقص عنها، وفي ثانيهما بأنه لا وجه للاستحباب بعد كون القصر عزيمة لا رخصة كما ستعرف، واحتمال إرادته إثبات التخيير بالخبر المزبور وجعله أفضل فردي الواجب المخير يدفعه أنه قاصر عن إثبات ذلك أيضا، لقصوره عن إثبات إلحاق الخمسة بالعشرة في تعين التمام، وإن حكي عن الذخيرة أنه استوجهه تبعا للمحكي عن منتقى الجمان من أنه لولا قصور الخبر من جهة السند عن مقاومة ما دل على اعتبار إقامة العشرة لما كان عن القول بالتخيير معدل، إلا أنك خبير بما في ذلك فالأولى طرحه أو حمله على بعض ما عرفت مما لا يستلزم إثبات حكم جديد به، سيما وأوله كالصريح في المشهور، بل فيه شهادة على ظهور مفهوم العدد هنا في نفي ثبوت الحكم للناقص، فتأمل، والله أعلم.
(وإن) كان المسافر (قد تردد عزمه) وهو في البلاد مثلا فلم يعلم متى خروجه غدا أو بعد غد (قصر ما بينه وبين شهر ثم يتم ولو صلاة واحدة) بلا خلاف صريح أجده بين القدماء والمتأخرين كما اعترف به في الرياض، بل في المدارك وعن الخلاف وظاهر المنتهى والذخيرة الاجماع عليه، وهو الحجة في قطع الأصل، وإطلاق أدلة القصر في المسافر، مضافا إلى المعتبرة المستفيضة إن لم تكن متواترة الصريحة في ذلك كصحيح زرارة (1) عن الباقر (عليه السلام) المتقدم في أول البحث، وحسن ابن مسلم (2) المتقدم آنفا وحسنه الآخر (3) قال: (سألته عن المسافر يقدم الأرض فقال: إن حدثته نفسه أن يقيم عشرة فليتم، وإن قال: اليوم أخرج أو غدا أخرج ولا يدري فليقصر ما بينه وبين شهر، فإن مضى شهر فليتم، ولا يتم في أقل من عشرة إلا بمكة والمدينة، وإن أقام بمكة والمدينة خمسا فليتم) وخبر أبي بصير (4) قال: