ثم من المعلوم أن المدار على كون السفر سفر معصية لا على مطلق حصول المعصية حال السفر، فشرب الخمر حينئذ وفعل الزنا ونحوهما حاله لا تقدح في الترخص، لاطلاق الأدلة من غير معارض، ضرورة عدم تأديته إلى حرمة السفر نفسه، أما لو فرض كونه كذلك كركوب دابة مغصوبة بل مطلق التصرف بمغصوب بنفس السفر حتى نعل الدابة أو رحلها وبالجملة ما يؤدي إلى حرمة نفس قطع المسافة قدح فيه، لا ما إذا لم يؤد إلى ذلك وإن كان هو محرما في نفسه، بل حتى لو كان معه شئ مغصوب إلا أنه لم يتصرف فيه بنفس قطع المسافة، كما لو كان معه متاع مغصوب أو دابة مغصوبة جعلهما عند غيره من رفقائه في الطريق أو نحو ذلك، فتأمل جيدا فإنه قد يدق الفرق في بعض المقامات بين المقارن للقطع وبين ما يكون مقدمة للقطع أو القطع مقدمة له، وقد علمت أن المدار على اقتضائه حرمة شخص القطع.
ثم لا فرق في سفر المعصية بين الابتداء والاستدامة، فلو كان ابتداء سفره طاعة فقصد به المعصية في الأثناء انقطع ترخصه قطعا وإن كان قد قطع مسافات، كما أنه يترخص لو عدل عن سفر المعصية في الأثناء إلى قصد الطاعة لكن يعتبر في هذا بقاء مسافة، إذ لا عبرة بما مضى قطعا وإن تجاوز المسافة لفقده الشرط، نعم صرح بعضهم هنا بالاكتفاء فيها بالتلفيق مما بقي من المقصد بعد العدول إلى الطاعة ومن العود، بل نفى الخلاف عنه آخر، وكأنه مناف لما ذكروه في نظائره، كغير قاصد المسافة ابتداء ونحوه من عدم ضم ما بقي له من الذهاب إلى الرجوع وإن كان هو في نفسه مسافة، بل جعلوا للرجوع حكما مستقلا عما بقي من الذهاب بلا فرق بين قصد الرجوع ليومه وغيره، والفرق بين المقامين مشكل، ولعله لذا لم تعتبر الضم المزبور هنا في الروضة أيضا، اللهم إلا أن يقال إن مقتضى الضوابط الضم في المقامين كل على مختاره في اعتبار الرجوع ليومه وعدمه، خرج عنها في غير المقام بالدليل، وبقي هو على مقتضاها، وعلى