ولا بأس بالفتوى به بعد ما سمعته من النصوص المعتضدة باطلاق بعض الفتاوى إن لم يكن أكثرها، إلا أنه ينبغي الاقتصار على ذلك بالخصوص لا أنه يتعدى إلى غير ذلك، كما مال إليه المقدس الأردبيلي في المحكي من مجمعه، حيث قال: وردت أخبار كثيرة في اتخاذ الحش مسجدا صحيحة وغير صحيحة، ومنها يعلم عدم اشتراط الطهارة في المسجد بحيث يكون التحت أيضا طاهرا وكذا الفوق، إذ هو كما ترى بعيد جدا، بل كأنه مخالف للاجماع، ضرورة عدم الفرق بين تحت المسجد أو فوقه قطعا، نعم ينبغي استثناء خصوص موارد تلك النصوص للعسر والحرج في الإزالة على وجه التطهير، بل قد يتعدى إلى كل أرض تعسر إزالة النجاسة منها، أو تعذر وأريد وقفها مسجدا، فلا يجب انتظار طهارتها إن أمكنت في صيرورتها مسجدا، وإلا امتنع وقفها مسجدا، بل لا يبعد القول بعدم اعتبار سبق إزالة النجاسة الممكنة في المسجدية، فله وقفها حينئذ مسجدا، ثم يزيل بعد ذلك النجاسة، لأصالة عدم الاشتراط، إذ الإزالة من أحكام المساجد لا من شرائطها، كما هو واضح.
فما في البيان - من أنه لا تبنى المساجد على النجاسة إلا مع الإزالة، ولو طمت قبل الوقف ثم بنى جاز - محل للنظر إن أراد ما يخالف ما ذكرنا، ولعله يريد الإشارة إلى ما عساه يظهر من النصوص السابقة من اعتبار سبق الطم أو المواراة على المسجدية، وهو - مع إمكان منعه عليه وإن كان ربما يوهمه بعضها في بادئ النظر - لا ينافي ما ذكرناه من عدم اشتراط التطهير السابق في الصحة، اللهم إلا أن يقال: إن التطهير فيما يمكن تطهيره كالطم والمواراة فيما لا يمكن، فكما وجب سبق الثاني على المسجدية فكذا الأول، وفيه تأمل.
ولعله بالتدبر فيما ذكرنا يستفاد الوجه فيما صرح به في القواعد والمنتهى والتذكرة والذكرى والدروس والبيان والنفلية والموجز الحاوي وجامع المقاصد وكشف الالتباس