(قول الله عز وجل: ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى (1) قال: سكر النوم) بناء على أن المراد مواضع الصلاة التي هي المساجد.
والشدة في المسجدين لشدة احترامهما، ولاختصاصهما بالنهي، ففي صحيح زرارة (2) (قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في النوم في المساجد؟ فقال: لا بأس إلا في المسجدين: مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) والمسجد الحرام، قال: وكان يأخذ بيدي في بعض الليل فيتنحى ناحية ثم يجلس فيحدث في المسجد الحرام، فربما نام، فقلت له في ذلك، فقال: إنما يكره أن ينام في المسجد الحرام الذي كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأما في هذا الموضع فليس به بأس) وفي خبر محمد ابن حمران (3) عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: (وروى أصحابنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا ينام في مسجدي أحد) الحديث.
وربما يتم منه أشدية الكراهة فيه من المسجد الحرام، كما هو ظاهر خبر علي ابن جعفر (4) المروي عن قرب الإسناد (سألته عن النوم في المسجد الحرام، فقال:
لا بأس، وسألته عن النوم في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا يصلح) كما أن ظاهر صحيح زرارة (5) السابق عدم الكراهة فيما عدا المسجدين، بل كاد يكون صريح الاستثناء فيه فضلا عما في ذيله من الصراحة، ومن هنا استجود في المدارك وتبعه الكاشاني قصرها عليهما مؤيدا له مع ذلك بضعف سند دليل إطلاقها ودلالته، وهو جيد لولا أن الكراهة مما يتسامح فيها، وقد عرفت فتوى الجماعة بها وما يشعر بها، فاتجه حمله حينئذ على إرادة الشدة.