ومقتضى ذلك تحقق شغل اليوم على تقدير تحقق الرجوع، وأين هذا من القطع بتحققه في الواقع.
ودعوى أن الشرطية من حيث هي وإن كانت كذلك إلا أنها تختلف باختلاف أدوات الشرط ووجود القرائن والأدلة المقتضية ليقين الوجود والعدم وانتفائها ومن المعلوم المصرح به في علم المعاني وغيره أن (إذا) للجزم بالوقوع، كما أن (لو) للجزم بعدمه، و (أن) للشك، ولا مراد فرض الأمر الواقع وتقديره أو الأمر المجزوم بعدمه كي يتحقق فيهما معنى الشرط الموضوعين له الذي هو بمعنى الفرض والتقدير المنافيين للقطع والجزم، فيكون الرجوع المشروط بإذا في الموثق المزبور متحققا على ما هو الأصل في (إذا) ومن هنا عبر عنه بلفظ الماضي الذي هو أدل على التحقق من غيره، وعطف على الذهاب المعلوم تحققه ليكون تابعا له في ذلك، بل يؤيده أيضا أنه أولى في رفع الاستبعاد الواقع للسائل من القصر في بريد من فرض الرجوع بلا تحقق، بل قد يقال بعدم رفعه الاستبعاد، ومنه يعلم وضوح فساد القول بدلالة هذا الموثق على الاكتفاء في القصر بالبريد وإن لم يرجع، وإن وقع من بعض الاعلام تمسكا بصدره وحملا للتعليل فيه على التقريب للأذهان دون التحقيق، إذ هو كما ترى من غرائب الكلام، لأنه - مع أن الأصل في العلل التحقيقية دون التقريبية - لا فرق بينهما في اعتبار صلاحية العلة في كل منهما في الجملة وإن افترقا بجواز تخلف الثانية كالمشقة في القصر ونحوها بخلاف الأولى، أما مع عدم صلاحيتها للتعليل بالمرة فلا تصلح تقريبية إذ هي كالتعليل بالأمور الباطلة التي لا مدخلية لها أصلا، وكتعليل القصر في الثمانية بأنها تكون ستة عشر ونحو ذلك، ولا ريب في كونه من الخرافات التي يجل عنها ألفاظ أرباب الكلمات حتى لو تعسف وقيل: إن المراد من التعليل لازم المذكور في اللفظ أي المشقة لا نفسه، فيكون التعليل تقريبيا حينئذ.