بنفسها القصر عندنا كما ستعرف، فيكون القصر فيه حينئذ للتلفيق.
وصحيح ابن وهب (1) (قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أدنى ما يقصر فيه الصلاة، فقال: بريد ذاهبا وبريد جائيا) وموثق محمد بن مسلم (2) عن أبي جعفر (عليه السلام) (سألته عن التقصير قال: في بريد، قال: قلت: بريد، قال: إنه إذا ذهب بريدا ورجع بريدا شغل يومه) إلى غير ذلك من النصوص المروية في الكتب الأربعة وغيرها الظاهرة فيما ذكرنا إن لم تكن صريحة، وحملها على التخيير لو سلمنا قبول بعضها له فلا ريب في عدم قبول الآخر له كأخبار مكة ونحوها.
واحتمال إرادة الويل والويح فيها على التزامهم بالتمام وعدم مشروعية القصر تبعا لما سنه عثمان وتبعه معاوية - بعد أن التمس على ذلك وباقي الأمراء كما رواه زرارة في الصحيح (3) عن الباقر (عليه السلام) مفصلا لا على أصل الجواز، ولذا لم يفت أحد بمضمونها من وجوب التقصير إذا لم يرد الرجوع ليومه، ضرورة كونهم حجاجا إلا النادر، بل أعرضوا عنها أو حملوها على ما ذكرنا - ممكن في خصوص هذه الأخبار مع عدم صراحة بعضها في كونهم حجاجا، ودعوى قابلية الجميع عداها للحمل على التخيير ولو بمخالفة الظاهر ممنوعة كل المنع.
على أنه لا داعي إلى ارتكاب هذه التعسفات، ولا شاهد على هذه التأويلات سوى معارضتها لأخبار الثمان ومسير يوم المتقدمة سابقا، والجمع بينها بإرادة ما يشمل الملفقة من الثمان كما شهدت به النصوص التي سمعتها أولى من الحمل على التخيير من وجوه بعد اشتراكهما في منافاة الظاهر، ضرورة تبادر تعيين كون المسافة ثمانية ذهابية،