لكن يقوى في النظر الأول، لانصراف إرادة خصوص التمام من المنزلة فيه لا ما يشمل ما نحن فيه. فيندرج في عموم ما دل على القصر بالسفر المتحقق في الضرب بالأرض، وأضعف من ذلك احتمال مساواة محل ما عزم على الإقامة فيه قبل الوصول إليه للمنزل في انقطاع السفر بمجرد الوصول إلى محل الترخص قبل الدخول إليه، كما اعترف به في الروض، وإن جعله في الذكرى أيضا وجها مساويا لاحتمال عدم المساواة في ذلك بل اختاره في المسالك، إلا أنه كما ترى في غاية الضعف، لاقتضائه رفع اليد عن الأصل وإطلاق الأدلة بلا دليل معتبر حتى عموم المنزلة السابقة، ضرورة كون موردها تحقق الإقامة في البلد لا العزم عليها قبل الوصول إليها، ولذا لو رجع عن نية الإقامة بعد الوصول إليها قبل الصلاة فيما تماما رجع إلى القصر، وصارت كغيرها من البلدان، فضلا عما قبل الوصول.
اللهم إلا أن يقال إنه: بسبب عزمه المستمر على الإقامة في ذلك البلد الشامل لحدوده التي هي محل الترخص ينقطع سفره بمجرد الوصول لأنه حينئذ كمن بلغ نفس البلد ونوى الإقامة فيه، لكن ذلك مبني على صحة نية الإقامة في البلد بحيث يشمل حدوده، أما بناء على نية الإقامة إنما هي في البلد نفسه وإن ساغ له التردد بعد ذلك في الحدود، فلا يتم، وفرق واضح بين الأمرين، إذ محل الإقامة على الثاني البلد نفسه، وعلى الأول هو وحدوده.
هذا كله إذا كان عازما على إقامة العشرة في الأثناء أو المرور بالمنزل المزبور، أما إذا كان مترددا في ذلك فلا يبعد عدم الترخص أيضا، لوضوح عدم القصد إلى المسافة في الثاني، بل والأول أيضا لعدم الجزم بالمسافة المستمرة فيه، وأولى منه الظن، ولا ينافيه ما سمعته في التابع الذي يتردد في زوال التبعية، أما أولا فللاستصحاب هناك دونه هنا، إذ لا يتصور تقريره مع فرض تردده من أول الأمر بقطع المسافة وعدمه،