لا أن مراده كفاية الأربع في التقصير مطلقا حتى إذا لم يرد الرجوع أصلا لا ليومه ولا لغير يومه، فإن الظاهر الاتفاق على وجوب التمام في مثل الفرض كما اعترف به المقدس البغدادي، وصرح به ابن حمزة في وسيلته، لظاهر النصوص، خصوصا ما اشتمل منها على أن أدنى المسافة بريد ذاهب وبريد جائي، وإطلاق القصر في الأربعة منزل على الغالب من إرادة الرجوع كما يومي إليه الموثق السابق الذي قد تضمن أن المسافة بريد، فتعجب الراوي من ذلك فرفع (عليه السلام) عجبه بأنه إذا رجع شغل يومه، إذ هو ظاهر في أن الأربعة حيث تطلق يراد بها ما يتعقبه الرجوع، وكذا إطلاق الأكثر التخيير إذا لم يرد الرجوع ليومه يراد منه بقرينة قاعدة توجه النفي إلى القيد الزائد خصوص عدم إرادة الرجوع لليوم مع إرادة أصل الرجوع، بل في الرياض أن الرضوي (1) الذي هو مستندهم في التخيير على الظاهر صريح في ذلك، فما عن الحدائق - من إدراج الفرض في عبارة القائلين بالتخيير بدعوى رجوع النفي إلى المقيد مع قيده وبدونه - ضعيف جدا، وإن كان ربما يوهمه عبارات بعض من مال إلى التخيير مطلقا، لكن التحقيق بعد التأمل ما ذكرنا، وعليه يحمل ما سمعته من الكافي فيكون هو من القائلين بوجوب القصر بقصد الأربعة وإرادة الرجوع وإن لم يكن ليومه، نعم ينبغي تقييده كتقييد إطلاق القائلين بالتخيير أيضا بما إذا لم ينقطع سفره بأحد القواطع، للاجماع المحكي إن لم يكن محصلا على وجوب التمام في رجوعه أيضا، ولصيرورتهما منفردين حينئذ، ولظهور الموثق المزبور في ذلك أيضا حيث أنه تعجب فيه من جعل المسافة بريدا ورفع (عليه السلام) عجبه بارجاعه إلى الثمانية المعلوم كونها مسافة التقصير، ولا ريب في أنها تنقطع بحصول أحد القواطع في أثنائها، وكذا غيره من النصوص التي اعتبرت الإياب في التقصير.
(٢١٥)