فما عن الذخيرة من التوقف في ذلك في غير محله، بل في الذكرى والروض احتمال الاكتفاء بالعدل الواحد، ومال إليه بعض علماء العصر، لاطلاق أدلته، وقبوله في الأعظم من ذلك، وعدم كون ما نحن فيه من باب الشهادة، وهو لا يخلو من قوة وإن كان ظاهر اعتبار الأصحاب البينة ينفيه.
ولو تعارض البينتان ففي الذكرى وعن المصنف تقديم بينة الاثبات، لأن شهادة النفي غير مسموعة، وفيه أن كلا منهما مثبت لو فرض استنادهما إلى الاعتبار مثلا، كما لو قال أحدهما اعتبرتها فوجدتها ثمانية، والآخر سبعة، فلا يبعد مع فقد الترجيح التخيير أو الاحتياط أو الرجوع إلى أصل التمام، ولعله الأقوى، إذ هو حينئذ كالشاك الذي فرضه التمام بلا خلاف أجده فيه كما اعترف به في الرياض لا التخيير وإن أوهمه كلام المقدس البغدادي للأصل.
فلو صلى حينئذ قصرا أعاد وإن ظهر بعد ذلك أنه مسافة، إلا إذا فرض التقرب منه مع مصادفة الواقع، نعم في وجوب الاعتبار عليه وجهان، من أصل البراءة، ومن توقف الامتثال عليه، ولعل الأقوى وجوب ما لا عسر ولا حرج فيه وضرر كالسؤال وغيره عليه ولو صلى تماما ثم ظهر أنه مسافة ففي المدارك والرياض لم يعد لقاعدة الأجزاء، وفيه بحث، خصوصا إذا كان في الوقت، للفرق بين الأمر حقيقة وبين تخيل الأمر، وما نحن فيه من الثاني لا الأول، اللهم إلا أن يدعى أن مقتضى أدلة الاستصحاب كونه من الأول، ولتحريره مقام آخر.
ولو ظهر في أثناء السير أن المقصد مسافة قصر وإن لم يكن الباقي مسافة، لتحقق المقتضي من قصد المسافة، وعدم اعتبار سبق العلم بها، فليس هو كالمتردد في السفر الذي لم يتحقق منه قصد أصلا، وإن احتمله في الروض، لكنه ضعيف جدا كما