بخلاف ما قلناه فإنه تقييد للفظ الشعر الذي إرادة العموم منه معركة للآراء، والحق أنه ليس له وإن أفاده هنا بتعليق النهي على الطبيعة.
ومن هنا ينقدح لك المناقشة في دليل الكراهة من النص السابق المشتمل على لفظ الشعر الذي سمعت الكلام فيه، وعموم (من) في المرسل الأخير لا يقتضي العموم في لفظ الشعر الواقع في سياقه، بل هو على إطلاقه، نعم استفادة العموم فيه من التعليق على الطبيعة، وهذا يكفي في تقييده إمكان دعوى انصرافه إلى إرادة غير ما سمعته من الشعر كالغزل ونحوه، والصحيح السابق والسيرة التي اعترف بها الكركي في غير واحد من كتبه، وما في الذكرى من أنه من المعلوم أنه كان ينشد بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله) البيت والأبيات من الشعر في المسجد ولم ينكر ذلك، بل كأنه في بالي أنه ربما أمر (صلى الله عليه وآله) بذلك بل ربما طرق مسمعي جملة من الأخبار المشتملة على إنشاد الشعر بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله) في المسجد، بل ربما كان المنشد في بعضها أمير المؤمنين (عليه السلام) والظاهر أنه أنشده (وأبيض يستسقى الغمام بوجهه) إلى آخره (1)، لما استسقاه الأعرابي، فلاحظ، كل ذلك مع شهادة الاعتبار ببعض ما ذكرنا إن لم يكن جميعه.
والمراد بالانشاد القراءة لا رفع الصوت وإن فسره به في تهذيب اللغة والغريبين والمقاييس وظاهر الأساس على ما حكي عنها، للتبادر، ولأن رفع الصوت في نفسه مكروه وإن لم يكن بالشعر، كما هو قضية إطلاق المتن وغيره من كتب الأصحاب التي عبرت بما في النص الذي هو مستند الحكم مؤيدا بما في الرفع من الشغل عن العبادات ومنافاة السكينة والوقار والخشوع المطلوب في المساجد، وأذية المصلين ونحو ذلك، بل مقتضى الاطلاق المزبور عدم الفرق بين القرآن وغيره، بل نص على التعميم المذكور الثانيان،