التحديد بالنصف في غير مفروض السؤال، وأنه هو يزيد بالرجوع وإن بلغ النصف، لكن مقتضى ذلك التفصيل بين السورة التي أريد غيرها والتي لم يرد غيرها، ولم يعهد من الخصم القول بذلك، نعم قال في الذكري بعد الخبر المزبور: وهذا حسن، ويحمل كلام الأصحاب والروايات على من لم يكن مريدا غير هذه السورة، لأنه إذا قرأ غير ما أراده لم يعتد به، ولهذا قال: يرجع، وظاهره تعين الرجوع، وفيه أنه لا وجه حينئذ للترقي ببلوغ النصف الظاهر في عدم جواز غيره وإن لم تكن السورة مرادة، على أن مورد غيره من النصوص كمورده، وقد اشتمل على النهي عن الرجوع عن السورتين الجحد والاخلاص، وهو يقضي باعتبار الدخول وإن فرض سبق الإرادة، بل هو نفسه قبل هذا بيسير قد استدل على إجزاء جريان اللسان ببسملة وسورة من غير قصد بخبر أبي بصير (1) المشتمل على إرادة الغير، بل المستفاد من التأمل في النصوص والعمل باطلاقها أنه لا فرق في جواز العدول بين أن يكون الدخول في السورة المعدول عنها بقصد أو غيره، ولا بين أن يكون عدوله عنها إلى غيرها مقصودا لذاته بأن يبدو له العدول فيعدل أو لنسيانها فتمادى به إلى أن دخل في غيرها من دون قصد، ولا بين أن يكون السورة المعدول إليها مما سبق قصدها أم لا، ومن هنا قلنا سابقا إن هذه النصوص ظاهرة في عدم اشتراط التعيين بالبسملة، بل ربما استظهر من إطلاق بعضها عدم اعتبار قصد الخلاف أيضا، فلاحظ وتأمل.
وعلى كل حال فقد بان لك أن الأقوى اعتبار مجاوزة النصف في امتناع العدول ومن الغريب أنه في الذكرى مال إلى اعتبار النصف بعد أن حكاه عن الأكثر واحتمل إرجاع التعبير بالمجاوزة التي حكاها عن الشيخ خاصة إلى النصف، إذ فيه ما لا يخفى من وجوه، مع أن احتمال العكس أولى كما اعترف به في كشف اللثام.