معاشهم ومعادهم، حيث لا يرتابون في ترتيب آثار الصحة على فعل الغير عند تعلق عملهم به، ولولا ذلك لا ختل نظامهم واضطربت أمورهم، إذ لا يتسنى للانسان أن يحيط بفعل الغير وبما يقع عليه من خصوصيات.
وبهذا يمكن توجيه الاستدلال بالحرج في المقام، بأن لا يراد به الاستدلال بكبرى نفي الحرج لوضوح أنها - مع اختصاصها بنفي الأحكام الحرجية، ولا تنهض بتشريع الأحكام التي يتدارك بها الحرج - مختصة بالحرج الشخصي، الذي يتسنى للمكلف تشخيصه، دون النوعي الذي لا ضابط له، والذي يلزم من عدم حجية قاعدة الصحة.
بل يراد أن سد باب قاعدة الصحة عند المتشرعة لما كان مستلزما للحرج، بل لاختلال النظام، فعدم لزومه خارجا كاشف عن جريهم عليها ووضوح حجيتها عندهم، فيكون الاستدلال بسيرتهم المستكشفة من عدم لزوم الحرج خارجا، لا بدليل نفي الحرج.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من أن الحاجة إلى أصالة الصحة إنما هي في غير موارد اليد، وليس إهمالها فيها مستلزما للحرج.
فكأنه مبني على النظر لأصالة الصحة في العقود ونحوها مما يتعلق بالأموال التي تكون تحت اليد. مع وضوح عدم اختصاصها بذلك، بل تجري في غيرها من العقود والإيقاعات - كالنكاح والطلاق - والواجبات الكفائية - كأحكام الأموات - والأفعال التسبيبية - كالتطهير من الحدث والخبث والتذكية - وموارد النيابة والتبرع، وصلاة الامام بالإضافة للمأمومين، بل صلاة بعض المأمومين لبعض ممن يتوقف عليه اتصاله بالإمام، وصلاة الأب وصيامه بالإضافة لوليه الذي يجب عليه القضاء عنه، ونحو ذلك مما ليس هو موردا لليد، مع وضوح لزوم الحرج، بل الهرج والمرج واختلال النظام من إهمال قاعدة الصحة في جميع ذلك.