من رجوعها لأوكارها، وطلب الماء والكلاء من مواضعها المعهودة لها.
هذا، وقد اختلفت كلماتهم..
تارة: في ثبوت بناء العقلاء وسيرتهم وعدمه مطلقا، أو على تفصيل.
وأخرى في حجيته على تقدير ثبوته.
أما الأول فهو غير ظاهر، لان المهم في المقام هو السيرة الارتكازية على العمل عليه على أنه أمر يصح الاعتماد عليه في مقام التعذير والتنجيز - المستتبعين للعقاب والثواب - في مورد الالتفات والشك، نظير أصالة عدم القرينة أو عدم الغفلة.
ولا يكفي العمل عليه غفلة عن احتمال تبدل الحال، لعدم ما يثيره، أو للاطمئنان بعدم تبدله لغلبة أو نحوها، أو للاحتياط في موافقة احتمال الواقع ورجاء تحصيله، والمتيقن من سيرة العقلاء انما هو العمل على طبق الحالة السابقة لاحد الوجوه المذكورة، لا البناء عليها بالوجه الذي هو محل الكلام، بل لا طريق لنا لتحصيل اليقين به.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من أنه لا وجه لحصول الاطمئنان مع فرض الشك في البقاء، والعمل برجائه إنما يصح فيما لو لم يلزم من العمل بدونه فوت المنافع أو حصول المضار المهمة، وقريب منه ما ذكره بعض الأعيان المحققين قدس سره.
فيندفع: بأنه مع فرض كون العمل مع عدم البقاء سببا في فوت المنافع ووقوع المضار لا يصح العمل بالاستصحاب حتى لو فرض كونه حجة عندهم، لان العمل بالحجة إنما يصح في مقام التعذير والتنجيز غير التابعين للواقع، لا مع الاهتمام بتحصيل الواقع لإناطة الأثر المقصود به، لعدم صلوح الحجية للتأمين عن الآثار الواقعية، كما لعله ظاهر، بل في مثل ذلك إنما يصح العمل مع الوثوق بالواقع، وكلما زاد الأثر الواقعي أهمية كان التحرز عن مخالفة الواقع والتوثق من