وفاقا لسيدنا الأستاذ طاب ثراه، لما ذكر من الوجه.
فان قلت إن مقتضى قواعد العدلية كون الأوامر مسببة عن مصالح في المأمور به، وأن غرض الشارع وصول العبد إليها، فإذا اتى بالأقل لم يعلم بحصول الغرض أصلا، لاحتمال حصوله باتيان الأكثر، والعقل يحكم بوجوب اتيان المأمور به على نحو يسقط به الغرض، بل ليس هذا الكلام مبنيا على قواعد العدلية القائلين بوجود المصلحة والمفسدة، لوضوح أن لكل آمر غرضا في اتيان المأمور به، وان كان جزافا، ويلزم على العبد اتيان المأمور به على نحو يصحل به غرض المولى.
قلت لزوم اتيان الفعل على نحو يسقط به الغرض عقلا (تارة) من جهة أن الثابت عليه بحكم العقل اسقاط الامر، وهو لا يسقط الا باسقاط الغرض. و (أخرى) من جهة ان اللازم بحكم العقل تحصيل غرض المولى مستقلا، من دون ملاحظة كونه سببا لسقوط الامر. وعلى الثاني (تارة) يقال إن أصل الواجب في باب الإطاعة ينحصر في تحصيل الغرض، والامر إنما يكون حجة على الغرض، من دون ان يكون موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال. و (أخرى) يقال بان الواجب كل منهما بحكم العقل، فلو انفرد الغرض عن الامر يجب تحصيله. وكذا لو انفرد الامر عن الغرض، كما لو كانت المصلحة في نفس التكليف.
فان كان نظر القائل إلى الأول نقول لا يعقل بقاء الامر مع اتيان متعلقه، لأنه يرجع إلى طلب الحاصل.
وان كان نظره إلى أول الوجهين من الثاني فنقول هذا خلاف ما نجده من أنفسنا، لوضوح أنه لو فرضنا امر المولى جديا، ولم يكن له غرض في الفعل، بل إنما امر جدا لغرض ومصلحة في الطلب الجدي، يجب بحكم العقل اطاعته، ويصح عند العقلاء ان يؤاخذ العبد على المخالفة، ولا يسمع