مثلا، فيشكل اجراء الأصول الشرعية في باقي الأطراف، لسقوطها ابتداءا بواسطة المعارضة. وقد عرفت ان سقوط المعارض - بعد العلم الاجمالي والتساقط - لا يوجب كون الطرف الموجود موردا للأصل.
والذي ينبغي أن يقال: هو ان قيام الطريق يوجب عدم تأثير العلم الاجمالي السابق في الاحتياط عقلا. وقد قررنا وجهه سابقا في الجواب عن الأخباريين المتمسكين بالعلم الاجمالي لرفع البراءة، فلا نطيل المقام بإعادته.
(الامر الرابع) - أن سقوط الأصول في أطراف العلم إنما يكون إذا كانت نافية للتكليف. وأما إذا كانت مثبتة، فلو احتمل مطابقة الكل للواقع - كما في صورة عدم العلم بالانحصار - فلا اشكال في وجوب الاخذ بها، لعدم المانع لا عقلا ولا شرعا. أما إذا لم يحتمل ذلك، كما إذا علم بنجاسة أحد الإناءين وطهارة الآخر، وكان كل منهما مسبوقا بالنجاسة، فهل يحكم بجريان الاستصحاب في كليهما أم لا؟ وجهان مبنيان على أن العلم المجعول في الاخبار غاية، هل هو أعم من العلم التفصيلي والاجمالي، أو هو مختص بالعلم التفصيلي؟
إن قلنا بالأول فلا يجرى الأصل. وان قلنا بالثاني فلا مانع من جريان الأصلين كليهما. أما بحسب الدليل الشرعي، فلان المفروض ثبوت الدليل العام ووجود الموضوع لذلك الدليل. وأما بحسب حكم العقل، فلان اجراء الأصل في كليهما يوجب المخالفة العملية. وقد عرفت ما هو الأقوى.
وتظهر الثمرة في ملاقي أحد الإناءين بالخصوص، فإنه - على تقدير جريان الاستصحاب في الملاقى بالفتح - محكوم بالنجاسة، وعلى التقدير الآخر محكوم بالطهارة.