(الوجه الثالث) ما عن السيد الطباطبائي - قدس سره - من أنه لا ريب في وجود واجبات ومحرمات كثيرة بين المشتبهات، ومقتضى ذلك وجوب الاحتياط بالاتيان بكل ما يحتمل الوجوب، وترك كل ما يحتمل الحرمة، ولكن مقتضى قاعدة نفى الحرج عدم وجوب ذلك كله، لأنه عسر أكيد وحرج شديد، فمقتضى الجمع بين قاعدتي الاحتياط ونفى الحرج العمل بالاحتياط في المظنونات، دون المشكوكات والموهومات، لان الجمع على غير هذا الوجه - باخراج بعض المظنونات وادخال بعض المشكوكات والموهومات - باطل اجماعا. ولا يخفى رجوع هذا إلى دليل الانسداد المعروف، مع اسقاط بعض المقدمات التي لا ينتج بدونها.
دليل الانسداد (الوجه الرابع) هو الدليل المعروف بدليل الانسداد، وهو مركب من مقدمات:
(الأولى) العلم الاجمالي بثبوت تكاليف كثيرة في الشريعة.
(الثانية) عدم لزوم الامتثال على نحو يقطع باتيانها أو اتيان ما يكون بدلا عنها، لا على وجه التفصيل ولا على وجه الاجمال، سواء كان عدم لزوم ذلك بواسطة عدم التمكن أم بواسطة الاذن الصادر منه.
(الثالثة) عدم جواز الاهمال وترك التعرض لامتثالها أصلا.
(الرابعة) انه في مقام دوران الامر - بين الامتثال على وجه الظن وبينه على وجه الشك والوهم - يكون اختيار الشك والوهم في قبال الظن قبيحا عند العقل.
ولو تمت هذه المقدمات التي ذكرناها يجب الاخذ بالظن قطعا، إذ العلم الاجمالي بوجود التكاليف ثابت بحكم المقدمة الأولى، وليس على