كالخمر ونحوها ليست بنفسها موضوعة للحكم التكليفي، ضرورة أن موضوع التكليف إنما هو فعل المكلف، فالحرام شرب الخمر مثلا لا نفسها، فكون المايع المخصوص خمرا، لا يترتب عليه شئ إلا كون شربه شرب الخمر، وهو موضوع للحرمة، فاستصحاب خمرية شئ لاثبات أن شربه شرب الخمر من الأصول المثبتة.
(والجواب) أن كون المايع الخارجي خمرا موجب لصيرورته حراما بنفس الحرمة المجعولة المتعلقة بشرب الخمر، لان الحكم المتعلق بالعناوين الكلية عين الحكم المتعلق بجزئياتها، فالمايع الخارجي - على تقدير كونه خمرا - يكون شربه حراما، لاتحاد شربه مع شرب الخمر. وهو واضح. هذا تمام الكلام في المقام.
مجهولي التاريخ الامر الثامن - أنه لا فرق في المستصحب بين أن يكون مشكوك الارتفاع في الزمان اللاحق رأسا، وبين أن يكون مشكوك الارتفاع في جزء من الزمان اللاحق، مع القطع بارتفاعه بعد ذلك الجزء، وهو الذي يعبر عنه بأصالة تأخر الحادث.
والمقصود أن الحادث الذي نقطع بوجوده في زمان، ونشك في مبدأ وجوده، فمقتضى الاستصحاب عدم تحققه في الأزمنة التي يشك فيها، فيرتب عليه آثار عدمه في تلك الأزمنة، وان لم تترتب عليه آثار حدوثه، فيما بعد تلك الأزمنة، لان حدوثه فيه لازم عقلي للعدم في تلك الأزمنة، ومطلق وجوده المعلوم بالفرض. إلا أن يقال إن الحدوث في زمان خاص ليس عنوانا بسيطا متحققا من أصل وجوده فيه وعدمه فيما قبل، بل هو عبارة - ولو عند العرف - عن الوجود في ذلك الزمان مقيدا بعدمه في الأزمنة السابقة، فيصير كسائر الموضوعات المقيدة التي يمكن احراز قيدها بواسطة الأصل.
وكيف كان فلا إشكال في اثبات الآثار الشرعية المترتبة على عدم الحادث المفروض في الأزمنة المشكوك فيها، إن كان لعدم ذلك اثر شرعي.