هذا تمام الكلام في مقتضى الأصل، مع قطع النظر عن الأخبار الواردة في المقام. وأما بالنظر إليها، فهل يحكم بالتخيير، أو التوقف، أو الاخذ بما يوافق الاحتياط، أو التفصيل بين ما لابد فيه من العمل فالتخيير، وبين غيره فالتوقف، كما حكى عن غوالي اللئالي، أو التفصيل بين دوران الامر بين محذورين فالتخيير، وغيره فالتوقف، أو التفصيل بين حق الله فالتخيير، وحق الناس فالتوقف، كما نسب إلى الرسائل؟ وجوه ناشئة من اختلاف الاخبار، واختلاف الأنظار في الجمع بينهما.
فنقول المشهور - الذي عليه جمهور المجتهدين - هو الأول، للأخبار المستفيضة الدالة عليه، ولكن تعارضها الأخبار الدالة على التوقف، وهي أيضا في الكثرة لا تقصر عن الأخبار الدالة على التخيير، وكذا تعارضها مرفوعة زرارة المحكية عن غوالي اللئالي الآمرة بالأخذ بما فيه الاحتياط، بعد فرض السائل تساوي الخبرين في جميع ما ذكر فيها من المرجحات.
أما معارضتها للمرفوعة، فقد أجاب عنها شيخنا المرتضى قدس سره بضعف سند المرفوعة، فإنه قد طعن في ذلك التأليف وفى مؤلفه المحدث البحراني قدس سره في مقدمات الحدائق.
وفى ما افاده نظر، لان المرفوعة وإن كانت ضعيفة السند، إلا أن ضعفها
____________________
(143) لعله إشارة إلى أنه لا يرفع اليد عن العمل بالمدلول المطابقي منهما، لعدم القدرة على العمل بالمدلول الالتزامي، مضافا إلى أن الاتيان بالثاني رجاءا لا ينافي العمل بالمدلول الالتزامي للأول، فلو اقتضى العلم الاجمالي لزوم اتيانه، لا ينفيه دليل العمل بالطريق. نعم العمل به بعنوان أنه حكم الله ينافيه ذلك الدليل.