المقالة السادسة (تعارضه مع سائر الأصول العملية) مثل البراءة والاحتياط والتخيير ومحصل الكلام في المقام أن كل ما كان مما ذكر مدركه العقل، فلا اشكال في ورود الاستصحاب عليه، لارتفاع موضوعه بسببه، لان حكم العقل بالبراءة معلق على عدم بيان من جانب الشرع، وحكمه بالاحتياط معلق على عدم وجود المؤمن، وحكمه بالتخيير معلق على عدم ما يرفع به التحير من قبل الشارع. ولا فرق فيما ذكر بين الاحكام الواقعية والظاهرية. وهذا واضح. وأما ما كان منها مأخوذا من الأدلة الشرعية كاصالة البراءة المأخوذة من قوله (رفع ما لا يعلمون) وقول (كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى) وكذا أصالة الطهارة، ففي تقديم الاستصحاب عليها اشكال، من جهة أن كلا من قاعدة الاستصحاب والقاعدتين المذكورتين حكم مجعول من الشارع في موضوع الشك. ولا وجه لتقديم إحدى القاعدتين على الأخرى، سواء جعلنا الشك بالموضوع فيها بمعنى التردد في النفس، أم جعلناه بمعنى عدم الطريق، إذ على الثاني كل ما قدم من القاعدتين يكون رافعا لموضوع صاحبه. واستراح شيخنا الأستاذ دام بقاه في هذا المقام بما افاده سابقا من وجه تقدم الامارات على الاستصحاب. وحاصله أن الشك المأخوذ في الأصول هو الشك من جميع الجهات، فإذا علم الحكم بوجه من الوجوه، ارتفع ذلك الموضوع. وقد علمنا الحكم بعنوان نقض اليقين بالشك، فلا مجال للاخذ بالحكم المعلق على عدم العلم بوجه من الوجوه.
أقول ليت شعري ما الفرق بين البناء على الحالة السابقة الذي هو حكم الشك في باب الاستصحاب، والبناء على الإباحة الذي هو أيضا حكم الشك في باب البراءة، وهكذا البناء على الطهارة الذي هو مفاد قاعدة الطهارة؟ وما الذي رجح الاستصحاب حتى صار منشأ للحكم بهذا الوجه، وارتفع به موضوع الأصل المخالف له؟ وقال شيخنا المرتضى قدس سره في وجه تقدم الاستصحاب